عناية الأصول في شرح كفاية الأصول - السيد مرتضى الحسيني اليزدي الفيروز آبادي - ج ٣ - الصفحة ٢٢١
(وثانيها) ان التفقه والإنذار يرجعان إلى الفرقة النافرة وحثها الله على التفقه لترجع إلى المتخلفة فتحذرها ومعنى ليتفقهوا في الدين يتبصروا ويتيقنوا بما يريهم الله عز وجل من الظهور على المشركين ونصرة الدين ولينذروا قومهم من الكفار إذا رجعوا إليهم من الجهاد فيخبرونهم بنصر الله النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين ويخبرونهم انهم لا يدان لهم بقتال النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين لعلهم يحذرون أن يقاتلوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فينزل بهم ما نزل بأصحابهم من الكفار عن الحسن وأبي مسلم (قال أبو مسلم اجتمع للنافرة ثواب الجهاد والتفقه في الدين وإنذار قومهم.
(وثالثها) ان التفقه راجع إلى النافرة والتقدير ما كان لجميع المؤمنين ان ينفروا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويخلوا ديارهم ولكن لينفر إليه من كل ناحية طائفة لتسمع كلامه وتتعلم الدين منه ثم ترجع إلى قومها فتبين لهم ذلك وينذرهم عن الجبائي (قال) والمراد بالنفر هنا الخروج لطلب العلم (انتهى).
(أقول) ان كان المراد من النفر في الآية الشريفة هو النفر من البلاد النائية لطلب العلم كما في الوجه الثالث ويؤيده الأخبار المتقدمة من صحيحة يعقوب وصحيحة عبد الأعلى وصحيحة محمد بن مسلم فلا كلام في ان التفقه والإنذار من وظيفة النافرين.
(واما) إذا كان المراد من النفر النفر إلى الجهاد كما يؤيده سياق الآية فإنها واقعة في ذيل قوله تعالى ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله إلى قوله ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون (فالظاهر) انه لا محيص عن كون التفقه والإنذار فيها من وظيفة المتخلفين القاعدين كما في الوجه الأول لا من وظيفة النافرين إلى الجهاد كما في الوجه الثاني إذ بناء عليه لا وجه لأمره تعالى بالنفر من كل فرقة منهم طائفة بل إذا نفروا جميعا وشاهدوا
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»