المستفادة من الآية الشريفة وبوسيلة هذا الشمول ووجوب التصديق له يثبت المخبر به وهو إخبار الصفار له وحينئذ كيف يعقل ان تشمل القضية إخبار الصفار أيضا مع انها هي التي أوجدته تعبدا فإنه لو شملته الآية لزم تقدم الشيء على نفسه في الرتبة فإن إخبار الصفار بما انه قد تحقق بوجوب تصديق المفيد متأخر عن وجوب التصديق تأخر المعلول عن العلة فإذا تعلق وجوب التصديق بنفس خبر الصفار أيضا لزم تقدمه على وجوب التصديق تقدم الموضوع على الحكم وهذا هو تقدم الشيء على نفسه في الرتبة.
(ثم ان المصنف) قد أجاب عن هذا الوجه الثالث بعين ما أجاب به عن الوجه الثاني (وحاصله) انه بعد ما اندفع الإشكال في الوجه المتقدم بشمول الآية لمبدء السلسلة وهو المفيد في المثال المذكور نظرا إلى ان ما أخبر به وهو اخبار الصفار له ذو أثر شرعي ولو كان هو نفس وجوب التصديق إما لأن القضية طبيعية يسرى الحكم فيها إلى نفسها أو لأن المناط الموجود في ساير الآثار موجود فيه أو لعدم الفصل بينه وبين ساير الآثار فلا بد حينئذ من ترتيب أثره عليه بمعنى انه لا بد من تصديق الصفار الذي هو واسطة ثانية فلا مجال للإشكال في خصوصها أو في الوسائط من بعدها لو كانت بعدها وسائط (وفيه) ان هذا الجواب في غير محله أيضا فان الإشكال على الوجه الثالث ليس من ناحية كون الواسطة الثانية مما لا أثر له كي يقال في دفعه إنها مما له أثر شرعي بمقتضي الجهات الثلاث المذكورة بل من ناحية استحالة شمول وجوب التصديق لها نظرا إلى ان خبريتها تكون بوسيلته فكيف يكون هو حكمها وتلك موضوعه.
(والحق) في جوابه ما تقدم منا في دفع الوجه الثاني من انحلال قضية صدق العادل إلى قضايا متعددة جزئية بتعدد الاخبار في الخارج فما تعلق بخبر المفيد وتحقق به إخبار الصفار له فرد خاص من الحكم وما تعلق بإخبار الصفار له فرد آخر من الحكم غير ما تحقق به تعبدا وهكذا فلا يلزم تقدم الشيء على نفسه في الرتبة.