عن العبادة فراجع واما الرخصة والعزيمة فالظاهر كونهما من الأحكام التكليفية كما لا يخفى وجهه على المتأمل وينبغي التنبيه على أمور (الأول) انه يعتبر في جريان الاستصحاب فعلية الشك فلا يجري في فرض الغفلة ولو كان المكلف على نحو لو التفت إلى الحالة السابقة لشك في بقائها وقد تعرضنا لذلك سابقا فلا نعيد (الثاني) لا فرق في جريان الاستصحاب بين أن يكون الحكم الثابت قبل الشك ثابتا بالعلم الوجداني أو بالامارة المعتبرة والطرق الغير العلمية وذلك لما ذكرناه في محله من أن المجعول في باب الطرق والامارات ليس الا صفة المحرزية والوسطية في الاثبات فكما يكون العلم الوجداني محرزا للواقع وجدانا فكذلك يكون الطرق والامارات أيضا بالحكم الشرعي وبعبارة أخرى معنى جعل حجية الطرق ليس الا إفاضة العلم تشريعا وجعل ما ليس بمحرز محرزا وقد ذكرنا هناك انه بذلك يقوم الامارات مقام القطع الطريقي والمأخوذ في الموضوع على وجه الطريقية لان آثار الواقع انما تترتب عند قيام الامارة لكون الواقع محرزا بالامارة فآثار نفس الاحراز أحق ان تترتب لكون الامارة احرازا وحيث إن اليقين في اخبار الاستصحاب اخذ موضوعا لحرمة النقض بما انه طريق إلى الواقع ومقتض للجري العملي لا محالة يقوم مقامه الطرق والامارات في ذلك (وتوهم) لزوم الجمع بين اللحاظين من قيام الامارات مقام القطع الطريقي والمأخوذ في الموضوع على وجه الطريقية (قد تعرضنا لدفعه) في محله كما أنه قد بينا هناك ان (توهم) ان المجعول في باب الامارات والطرق ليس الا صفة المنجزية والمعذرية مع بقاء الواقع على ما هو عليه من المجهولية (فاسد) من أصله فإن صفتي التنجز والمعذرية من اللوازم العقلية لوصول التكليف وعدمه وليستا بقابلتين لتعلق الجعل بهما بأنفسهما بل الجعل انما يتعلق بصفة المحرزية فيكون الحكم منجزا على تقدير وجوده ويكون المكلف معذورا عند مخالفته وخطأه لا محالة (والحاصل) ان منشأ الاشكال في جريان الاستصحاب في موارد الطرق والامارات انما هو توهم عدم امكان قيام الامارات بدليل حجيتها مقام القطع المأخوذ في الموضوع على وجه الطريقية وبعد اثبات تكفل دليل الحجية لقيامها مقامه يرتفع الاشكال من أصله الا على توهم كون اليقين مأخوذا في اخبار الاستصحاب على جهة الصفتية وهو من البطلان بمكان لا يحتاج إلى البيان هذا كله بالقياس إلى جريان الاستصحاب في موارد الطرق والامارات واما بالقياس إلى موارد الأصول ففي جريان الأصول فيها وعدمه تفصيل إذ الحكم الثابت في موارد الأصول إذا شك في بقائه ولم يكن دليل ذلك الأصل متكفلا
(٣٨٧)