العلم بالجعل وتحقق موضوعه إذ لا معنى لكون الغير الواصل إلى المكلف منجزا للواقع وواسطة في اثباته أو معذرا عن مخالفته مع عدم الاستناد إليه في مقام العمل وعلى ذلك فجريان الاستصحاب الذي هو من الأصول المحرزة يتوقف على العلم بالجعل وتحقق موضوعه فمع الغفلة وعدم الالتفات حتى يحصل الشك في البقاء لا معنى لفعلية الحكم الاستصحابي وقد ذكرنا توضيح ذلك في محله فراجع ويترتب على ذلك أنه لو كان المكلف متيقنا بالحدث ثم غفل عنه وصلى ثم احتمل تطهره قبل الصلاة يحكم بصحة صلاته وذلك لان قاعدة الفراغ تقتضي صحتها وهي حاكمة على استصحاب بقاء الحدث المقتضي لبطلانها ولو كان الشك التقديري كافيا في جريانه لكان المكلف محكوما بالحدث قبل الصلاة المانع من جريان قاعدة الفراغ ولذا لو فرضنا فعلية الشك قبلها المحققة لجريان الاستصحاب لكان ذلك مانعا عن جريان القاعدة إذ موضوع القاعدة هو احتمال صحة العمل وفساده بعد العمل ومع جريان الاستصحاب قبله وكون العمل محكوما بالفساد شرعا لا يكون فيه احتمال الصحة المقوم لموضوعها (الجهة الخامسة) ان الاستصحاب حيث إنه يتقوم باليقين بالحدوث والشك في البقاء فينقسم باعتبار متعلق اليقين والشك تارة إلى ما يكون أمرا وجوديا أو عدميا واخرى إلى ما يكون حكما شرعيا تكليفيا أو وضعيا كليا أو جزئيا أو موضوعا ذا حكم كما أنه ينقسم باعتبار منشأ اليقين وهو الذي يعبر عنه بدليل الحكم إلى ما يكون دليلا شرعيا كالكتاب والسنة والاجماع أو عقليا وباعتبار منشأ الشك إلى ما يكون الشك من جهة الشك في وجود المقتضي أو من جهة الشك في الرافع أو من جهة الشك في الغاية على ما يظهر لك من الفرق بين الغاية والرافع وقد وقع الكلام في حجية الاستصحاب في كل واحد من الأقسام والمختار عندنا هو حجية الاستصحاب مطلقا الا عند الشك في وجود المقتضي وما يلحق به من بعض شقوق الشك في الغاية على ما يظهر لك الحال إن شاء الله وفاقا لشيخنا العلامة الأنصاري (قده) لكنه (قده) فصل تفصيلا آخر باعتبار دليل الحكم فذهب إلى عدم حجية الاستصحاب فيما إذا كان مدرك الحكم السابق هو العقل وحاصل ما افاده (قده) في وجه ذلك يتركب من مقدمتين (الأولى) ان العقل إذا حكم بحسن شئ أو قبحه فلا بد وأن يكون موضوع حكمه بتمامه وكماله مبينا عنه إذ لا يعقل الاهمال أو الاجمال في موضوع الحكم عند الحاكم به عقلا كان أو غيره فما لم يتغير موضوع الحكم بتغير ما يستحيل ارتفاع الحكم العقلي عنه ومع تغيره وتبدل الموضوع عما هو عليه يرتفع الحكم العقلي
(٣٥١)