من باب الأخبار الخاصة أو من باب الظن اما على الأول فظاهر لان ظهور الاخبار في اعتبار تقدم المتيقن على المشكوك المحقق لصدق النقض مما لا يكاد يخفى واما على الثاني فلان حصول الظن بتحقق المتيقن اللاحق في الزمان السابق المشكوك وجوده فيه ممنوع أشد المنع ولو سلمنا حصول الظن في موارد الاستصحاب المصطلح لكون الغالب فيما يثبت هو الدوام فإن ذلك انما هو في ناحية البقاء لا في ناحية مبدء الحدوث نعم لا يبعد دعوى حصول الظن في بعض موارد الاستصحاب القهقري كما إذا علمنا ظهور لفظ الصعيد مثلا في التراب الخالص ولكن شككنا في مبدء الظهور لاحتمال حدوثه في الأزمنة المتأخرة وذلك لان الغالب في اللغات عدم التغيير وبقاؤها على ما كانت أولا فمن ظهور لفظ في معنى في زماننا يحصل الظن بكونه كذلك سابقا ولكن الكلام في حجية هذا الظن أولا وعدم اختصاص دعوى المدعي لحجيته بهذه الموارد ثانيا فلابد له من إقامة دليل آخر عليها (الثالث) فعلية اليقين والشك بمعنى أن يكون المكلف فعلا مرددا في بقاء ما هو متيقن الثبوت ولا يكفي فيه اليقين والشك التقديريان بمعنى ان المكلف يكون حاله بحيث لو كان ملتفتا لحصل له الشك في البقاء والبرهان عليه من طريقين (الأول) ان اليقين والشك اخذا موضوعين لحرمة النقض في أدلة الاستصحاب وقد ذكرنا غير مرة ان فعلية كل حكم يتوقف على فعلية موضوعه المأخوذ مفروض الوجود على ما هو الشأن في القضايا الحقيقية فكما ان كل حكم مترتب على اي موضوع يتوقف فعليته على فعلية موضوعه فكذلك يتوقف فعلية الحكم الاستصحابي على فعلية اليقين والشك (الثاني) انا قد ذكرنا في مباحث الظن ان الحكم الظاهري المجعول في باب الأدلة الاجتهادية أو الأصول العملية محرزة كانت أو غير محرزة لا يترتب عليه الأثر العملي من المنجزية أو المعذرية الا مع العلم بتحقق موضوعه خارجا والعلم بجعل الحجية له فما لم يعلم جعل الحجية لخبر الواحد مثلا أو لم يعلم وجود الخبر خارجا لا معنى لفعلية الحجية وترتب الأثر المرغوب منها عليه فالعلم بالحكم وان لم يمكن اخذه في موضوعه في مقام الجعل والانشاء سواء في ذلك الاحكام الظاهرية والواقعية الا ان الأحكام الواقعية تفترق من الظاهرية بان فعليتها تكون بمجرد وجود موضوعاتها خارجا وربما يترتب عليها آثار بنفس فعليتها وان لم يكن المكلف عالما بها لعدم العلم بجعلها أو بتحقق موضوعها المانع عن قابليتها للبعث والتحريك وهذا بخلاف الاحكام الظاهرية فان الأثر المرغوب منها وهو تنجيز الواقع أو المعذرية عن مخالفته لا يمكن ان يترتب الا مع
(٣٥٠)