وهو كون الاحتياط موجبا للتقوى الموجبة لكمال النفس وفي اخبار الاحتياط ما يدل على الاستحباب الشرعي فإن قوله (ع) أورع الناس من وقف عند الشبهة وقوله (ع) لا ورع كالوقوف عند الشبهة وقوله (ع) من ترك ما اشتبه عليه من الاثم فهو لما استبان له اترك وغيرها من الاخبار ظاهرة في الاستحباب الشرعي ومع كون الحكم بالاستحباب ممكنا في حد نفسه وظهور الاخبار فيه لا بد من الحكم والفتوى على طبقها هذا تمام الكلام في المقام الأول واما المقام الثاني وهو ما إذا كانت الشبهة الحكمية التي لم يعلم فيها جنس التكليف ولم يلاحظ فيها الحالة السابقة وجوبية ففيها مسائل أيضا ولا يهمنا التعرض لكل واحد منها بخصوصها فإن فيما ذكرناه في الشبهة التحريمية من الأدلة على جريان البراءة في تمام صور المسألة غير مسألة تعارض الخبرين التي ذكرنا ان الحكم فيها هو الاخذ بأحد الخبرين تعيينا أو تخييرا كفاية والملاك بين المقامين.
مشترك فيه هذا مع أن أغلب الأخباريين القائلين بوجوب الاحتياط في الشبهة التحريمية وافقوا الأصوليين في الحكم بالبراءة في الشبهة الوجوبية بل لم يوجد خلاف فيها الا من صاحب الحدائق والمحدث الأمين الاستربادي في خصوص الشبهة الحكمية فالمهم في المقام هو التعرض لمطالب (المطلب الأول) في تحقيق الحال في جريان الاحتياط في العبادات فنقول قد ظهر مما ذكرناه في الشبهة التحريمية من حسن الاحتياط عقلا وشرعا حسن الاحتياط في الشبهة الوجوبية أيضا وذلك لعدم اختصاص أدلته بخصوصها وهذا في التوصليات في غاية الوضوح واما في غيرها فإن علم المحبوبية المطلقة ودار الامر بين الوجوب والاستحباب فالامر كذلك إذ لا مانع من اتيان العبادة بقصد امرها الدائر بين الوجوب والاستحباب (وتوهم) عدم امكان الاحتياط فيها لعدم التمكن من قصد الوجه المعتبر في العبادة (مدفوع) بان قصد الوجه على تقدير اعتباره انما يعتبر عند التمكن منه وعند تعذره لعدم العلم بالوجوب والاستحباب فلا يعتبر قطعا واما إذا لم يعلم المحبوبية ودار الامر بين الوجوب وبين أن يكون لغوا فربما يقال بعدم امكان الاحتياط نظرا إلى أن قصد القربة مما لا بد منه في وقوع العمل عبادة وحيث انه لا يمكن مع الشك في المحبوبية فلا يمكن الاحتياط في العبادة معه ولكن هذا الاشكال نظير سابقه في الوهن فإن محركية نفس الامر وإن كانت معتبرة في وقوع العمل عبادة ومع امكان محركية نفسه ووقوع العمل بداعية لما يحكم العقل بكفاية داعوية الاحتمالية في الإطاعة الا ان ذلك في صورة التمكن من جعل نفس الامر محركا ومع تعذره فالعقل يتنزل إلى الاكتفاء