ورد رواية ضعيفة على الوجوب فإن دعوى اختصاصها بما إذا بلغ الثواب على الفعل فقط من دون الاشتمال على العقاب على الترك لا شاهد لها أصلا بل اطلاق الاخبار يقتضي عدم الاختصاص فيثبت الاستحباب في موردها وإن كان الوجوب مندفعا بالأصل ثم إنه إذا بنينا على دلالة الاخبار على اثبات الكراهة أيضا فلا محالة يتحقق التنافي بين روايتين إحداهما تدل على الوجوب والاخرى على الحرمة وظاهر شيخنا العلامة الأنصاري قدس سره في المقام هو العمل بكلتا الروايتين من باب التسامح والحكم باستحباب الفعل والترك وقد أشرنا آنفا إلى عدم تعقل ذلك وان شئت توضيح ذلك فراجع إلى البحث المذكور (المطلب الثاني) في دوران الواجب بين التعيين والتخيير ولا بد لتوضيح الحال فيه من تقديم أمور (الأول) انه لا ريب في عدم اختصاص جريان البراءة عقلا ونقلا بما إذا شك في الوجوب التعييني بل يعم ما إذا شك في الوجوب التخييري أو المردد بينه وبين التعييني فإذا شككنا في وجوب إحدى الكفارات تخييرا عند القئ عمدا أو في وجوب شئ مرددا بين التعييني والتخييري مع عدم العلم بأصل الوجوب أصلا فلا ريب في صحة التمسك بالبراءة فإن الملاك في جريانها مشترك بين جميع تلك الأقسام واما التمسك بأصالة عدم الوجوب عند الشك في الوجوب مطلقا فغير صحيح كما عرفت وجهه مفصلا (الثاني) ان محل الكلام في المقام انما هو فيما إذا لم يكن أصل لفظي يقتضي التعيينية كما إذا ورد الامر بشئ مطلقا من دون بيان عدل له في مقام البيان فإنه يقتضي التعيينية كما مر توضيحه في بحث الأوامر ومعه لا تصل النوبة لا البحث عن جريان الأصل العملي (الثالث) انه قد تقرر في محله انه كلما كان الشك راجعا إلى أصل ثبوت التكليف ومرتبة الجعل فالمرجع فيه هو البراءة وكلما رجع الشك إلى سقوط التكليف ومرحلة الامتثال بعد العلم بأصل التكليف فالمرجع فيه هو قاعدة الاشتغال وهذان أصلان موضوعيان في هذا المقام (الرابع) ان ما يحتمل كونه عدلا للواجب المعلوم وجوبه في الجملة المردد بين كونه تعيينيا أو تخييريا قد يعلم مسقطيته له ويشك في كونه عدلا له في الوجوب كالائتمام المسقط للقراءة الواجبة في الصلاة مع الشك في عدليته لها في الوجوب وقد يعلم وجوبه ولكن يشك في المسقطية من جهة احتمال كون كل من الوجوبين تعيينيا كما إذا علم وجوب شيئين في الجملة واحتمل أن يكون الوجوب في كل منهما تعيينيا أو تخييريا وقد يشك في الوجوب والمسقطية معا كما إذا علم بوجوب العتق في الجملة وشك في كون الصوم عدلا له في الوجوب ومسقطا له ويشترك هذه
(٢١٤)