ثم إنه لا يفرق فيما ذكرنا بين ان يكون الشرائط راجعة إلى مقام التأثير الفعلي وبين رجوعها إلى مقام أصل الاقتضاء، فإنه على كل تقدير لا دخل لها الا في حدود الشئ غايته انه على الأول يرجع دخلها إلى قابلية الأثر والمقتضى (بالفتح) للتحقق، وعلى الثاني يرجع دخلها إلى قابلية المقتضى في اقتضائه للتأثير باعتبار ان ما هو المؤثر من الأول هو الوجود المحدود بالحدود الخاصة، واما دخل هذه الحدود في القابلية المزبورة في المقتضى فهو كما عرفت لا يكون الا ذاتيا غير معلل بلم وبم.
وعلى ذلك فدخل الشرائط وكذا الموانع لا يكون الا كونها طرفا للإضافة ومحددة للشئ بحدود خاصة، وهذا المقدار من الدخل أيضا كما عرفت يكفي في نيل العقل جهة المقدمية منها وكونها في رتبة سابقة على المحدود كما هو واضح، ولئن شئت فاستوضح ذلك بمثل الصلاة التي ورد انها قربان كل تقي وتنهى عن الفحشاء وما اعتبر الشارع فيها من القيود الوجودية والعدمية ككونها عن طهور و كونها إلى القبلة وفي حال الستر وكونها في ظرف عدم أمر كذائي، إذ لا إشكال حينئذ في أن ما يترتب عليه النهي عن الفحشاء و الكمال والقرب ليس الا ذات الصلاة التي هي موضوع الامر في خطاب أقيموا الصلاة وان دخل تلك القيود المعتبرة فيها من الطهور و القبلة والستر وعدم التكتف ونحوها لا يكون إلا في حدود تلك الطبيعة الناشئة تلك الحدود من إضافة الصلاة إلى الأمور المزبورة و لو من جهة ان ما هو المؤثر في كمال العبد من الأول هي الطبيعة المحدودة بالحدودات الخاصة والذات الواجدة للتقيد بالأمور الخاصة لا مطلق الطبيعة ولو فاقدة عن التقيدات والإضافات المزبورة، إذ حينئذ يكون مرجع تلك القيود المعتبرة فيها إلى تضيق في دائرة الطبيعة المزبورة وإخراجها عما لها من الاطلاق ثبوتا في عالم مؤثريتها في القرب والكمال باعتبار تلك التقيدات الحاصلة للطبيعة من إضافتها إليها، ومن ذلك تكون التقيدات والإضافات طرا داخلة في المطلوب، والقيود نفسها خارجة عنه ومقدمة للمطلوب باعتبار كونها مما تقوم به تلك التقيدات والإضافات كما اشتهر بان التقيد جز والقيد خارج، من دون فرق فيما ذكرنا بين الشرائط والموانع، من جهة انه لا نعنى بالمانع الا ما اعتبر عدمه قيدا للمطلوب حسب ما عرفت آنفا.
فعلى ذلك فجميع القيود من الشرائط والموانع سوأ كانت راجعة إلى أصل اقتضاء الشئ أو إلى تأثيره الفعلي واثره يكون مناط دخلها من باب دخل منشأ الاعتبار في