لا يكاد يلزم انخرام قاعدة عقلية أصلا من لزوم تحقق المعلول والأثر قبل وجود علته ومؤثره، إذ لا مؤثرية ولا متأثرية حينئذ في البين حتى يتوجه المحذور المزبور وانما غايته هو تأخر ما به الحدود زمانا عن الحدود وهو مما لا ضير فيه بوجه أصلا، كما لا يخفى.
ومن ذلك البيان يظهر لك ضعف ما أفيد أيضا على بطلان الشرط المتأخر كما عن بعض الاعلام، من تقريب: ان تعلق التكاليف بمتعلقاتها في القضايا الطلبية انما هو على نحو القضايا الحقيقية التي يلزم في فعليتها فعلية متعلقاتها بما لها من الاجزاء والقيود التي لها تدخل في تحققها، وحينئذ فلا بد أولا من تحقق تلك القيود التي لها دخل في الموضوع حتى يتحقق الموضوع بما له من الحدود و الخصوصيات فيترتب عليه الوجوب والحرمة ومثل هذا المعنى مناف عقلا مع تأخر القيود المفروض دخلها فيه لضرورة اقتضائه لزوم مجئ الحكم قبل وجود موضوعه ومتعلقه، لما ذكرنا من عدم تحقق الموضوع خارجا الا بعد تحقق القيود التي لها دخل فيه، وهو كما ترى من المستحيل.
إذ نقول: بان ما أفيد من لزوم تحقق الموضوع بما له من الاجزاء والتقيدات والحدود قبل مجئ الحكم وإن كان صحيحا، ولكن المدعى هو تحققه بجميع ما يعتبر فيه من الحدود والتقيدات فعلا بمحض تحقق القيود في مواطنها مقارنا أو سابقا أو لاحقا نظرا إلى كشف تحقق القيد في موطنه المتأخرة في الواقع عن كون الامر السابق محدودا بالحدود التي بها يترتب عليه الأثر. واما دعوى لزوم تحقق تلك القيود وما به الحدود المزبورة أيضا في فعلية الحكم فلا دليل يساعد عليه من جهة ان الذي يقتضيه البرهان المزبور انما هو توقف الحكم في فعليته على فعلية وجود موضوعه بما له من الحدود والإضافات المأخوذة فيه. واما توقفه على فعلية الموضوع بما له من الحدودات وما به الإضافات والقيود فلا، لان ما هو الداخل في الموضوع لا يكون الا الحدود والتقيدات واما ما به الحدود والتقيد فهي خارجة عن الموضوع ومع خروجها عنه لا يكاد يقتضى البرهان المزبور لزوم تحققها أيضا في فعلية الحكم، كما هو واضح.
وحينئذ نقول: بأنه بعد ما أمكن ثبوتا شرطية الامر المتأخر للسابق على ما ذكرنا من وقوعه طرفا للإضافة للامر المتقدم فلو ورد دليل يقتضى بظاهره إناطة شئ بأمر متأخر لا مجال للاستيحاش وصرف الدليل عن ظاهره إلى شرطية التعقب بالامر المتأخر بجعل التعقب نفسه الذي هو من الأمور المقارنة شرطا كما عن بعض الاعلام تبعا للفصول إذ