وعلى ذلك فيمكن لنا الالتزام بالكشف الحقيقي المشهوري من دون لزوم انخرام قاعدة عقلية أصلا، فان مبنى الانخرام انما هو جعل دخل الشرائط دخلا تأثيريا، وإلا فعلى ما ذكرنا من رجوعها إلى مقام الدخل في القابلية ولو من جهة محدديتها لدائرة الماهيات المنوط بها القابلية المزبورة، فلا مجال لدعوى انخرام القاعدة أصلا، خصوصا في الاعتباريات الجعلية التي عرفت خروج شرائطها وأسبابها عن حيز المؤثرية وإمكان اختلاف ظرف الجعل زمانا مع ظرف المجعول، كما في المقام، حيث كان الكشف فيه كما عرفت من باب تقدم المجعول زمانا على الجعل الذي هو منشأ اعتباره.
ثم لا يخفى عليك ان هذا المعنى من الكشف غير مرتبط بالكشف على مذاق الفصول الذاهب إلى شرطية التعقب بالإجازة المتأخرة، إذ على ما ذكرنا يكون أصل الجعل حسب اقتضاء إناطة التجارة بالرضا في ظرف الإجازة، ولكن المجعول والمحكوم به انما هو الملكية من حين العقد، على معنى انه في ظرف الإجازة يتعلق الجعل بالملكية من حين العقد فيتحقق من حين الرضا حقيقة الملكية من حين العقد، و الا فقبل الإجازة حيثما لا تحقق للجعل كان المال باقيا على ملك البائع حقيقة، فكان الإجازة من حين وجودها موجبة لقلب الملكية السابقة التي كان للبائع إلى ملكية أخرى للمشتري، لكن ذلك بخلافه على مشرب الفصول، إذ على مسلكه (قدس سره) كان أصل الجعل واعتبار التجارة والمجعول الذي هو الملكية متحققة للمشتري من حين العقد على تقدير تحقق الإجازة فيما بعد، ومن ذلك على مسلكه لو علم بتحقق الإجازة من المالك فيما بعد يجوز للمشتري التصرف في المبيع باعتبار كونه ملكا له حقيقة دون البائع، بخلافه على ما ذكرنا، فإنه لا يجوز له ذلك ولو مع القطع بتحقق الإجازة من المالك في الموطن المتأخر نظرا إلى كونه بعد ملكا للبائع.
ومن ذلك البيان ظهر الفرق بين ما ذكرنا وبين الكشف الحكمي الذي هو مسلك الشيخ (قدس سره) فإنه على الكشف الحكمي يكون كل من الجعل والمجعول وهو الملكية من حين الإجازة - كما على النقل - إلا أنه تعبدا يترتب عليه أحكام الملكية من حين العقد، بخلافه على ما ذكرنا، فإنه عليه يكون ترتيب آثار الملكية من حين العقد، من جهة تحقق الملكية حقيقة بهذا الجعل المتأخر من حينه لا من جهة التعبد الشرعي وتنزيل ما لا يكون ملكا بمنزلة الملك.
نعم على ما ذكرنا ربما يتوجه إشكال، وحاصله: هو لزوم ملكية العين المبيعة في الأزمنة