ذلك، فان هذه الأدلة ينادى بان ما هو الواجب والمأمور به هو الصلاة المتقيدة بكونها عن طهور وإلى القبلة وفي حال الستر ونحو ذلك وان اعتبار الأمور المزبورة انما هو من جهة كونها مما تقوم به تلك التقيدات، كما هو واضح.
واما على الثاني من متممية الشرائط للقابل، فنقول أيضا: بأنه ان أريد من القابل نفس ماهية الأثر فلا ريب في أنه يرجع حينئذ إلى ما ذكرنا، من جهة ان قضية دخلها فيه حينئذ ليس إلا في استعداده وقابليته للتحقق عند وجود علته، فلا يكون دخلها حينئذ دخلا تأثيريا بل انما هو من قبيل دخل طرف الإضافة في الإضافة كما حققناه. وان أريد من القابل المحل الذي يوجد فيه الأثر كالخشب الذي هو محل الاحراق والنفس التي هي معروضة الكمال بدعوى ان اليبوسة مثلا موجبة لاستعداد الخشب وقابليته لورود الاحراق عليه وكذا الطهور مثلا بوجوب لاستعداد النفس وقابليتها لورود الكمال عليها من قبل الصلاة، فعلية وان أمكن دعوى كون الشرائط مؤثرات في الاستعداد والقابلية المزبورة نظرا إلى كون القابلية حينئذ أمرا وجوديا لكونها مرتبة من كمال الشئ، ولكنه حينئذ ينقل الكلام في دخل القابلية المزبورة في تحقق الأثر وانه هل هو بنحو المؤثرية أو بنحو الدخل في حدوده، إذ حينئذ ما له الدخل في الأثر لا يكون الا القابلية المزبورة، واما الشرائط الخارجية فإنما هي مقدمة للقابلية التي هي الشرط في الحقيقة في تحقق الأثر، فلا محيص حينئذ بعد اللتيا والتي ومن المصير إلى كون دخل الشرائط في المعلول من قبيل دخل منشأ الاعتبار في الأمر الاعتباري ودخل ما تقوم به الحدود في المحدود لا من باب المؤثرية والمتأثرية، كما لا يخفى.
ثم إنه مما ذكرنا من المناط في مقدمية الشرائط والموانع يظهر لك اندفاع الاشكال المعروف في الشرائط المتأخرة وعدم لزوم انخرام قاعدة عقلية: من لزوم تحقق المعلول قبل وجود علته، إذ نقول: بان ذلك انما يرد إذا كان دخل الشرائط أيضا كالمقتضي بنحو المؤثرية إذ حينئذ يتوجه الاشكال المزبور في شرطية الوجودات المتأخرة، وإلا فبناء على ما قررناه من كون دخلها من باب دخل منشأ الاعتبار في الأمر الاعتباري لا يكاد مجال للاشكال المزبور، حيث أمكن حينئذ تصوير الشرطية للوجودات المتأخرة بعين تصويرها للوجودات المقارنة والمتقدمة، إذ حينئذ كما يمكن ان يكون الشئ بوجوده المقارن محددا للماهية بحد خاص تكون بذلك الحد قابلة للتحقق عند وجوده مقتضيها كذلك يمكن ذلك في الوجود