نهاية الأفكار - تقرير بحث آقا ضياء ، للبروجردي - ج ٢ - الصفحة ٢٧٣
وحينئذ فبعد ما لا يكون في الشرعيات مورد يكون العلم واجبا شرعيا بالوجوب المولوي، فلا جرم لا يبقى مجال للنزاع في مقدمة العلم والبحث عن وجوبها شرعا. نعم لو بنينا على وجوب نية الوجه والتميز في الواجبات فباعتبار توقف الوجه والتميز على العلم بوجه المأمور به ربما يدخل مقدماته حينئذ في حريم النزاع، ولكن بعد إن كان التحقيق هو عدم وجوبها شرعا فلا محالة يخرج مقدمات العلم بقول مطلق عن حريم النزاع، كما لا يخفى.
ومن التقسيمات: تقسيمها إلى المقتضى والشرط والمانع وقد عرفوا المقتضى وهو السبب والعلة في لسان الحكم بما يلزم من وجوده الوجود دائما ذاتا، والشرط بما يلزم من عدمه العدم، و المانع بما يلزم من وجوده العدم. وهذا التعبير يقتضى اختلاف المقتضى مع الشرط والمانع في كيفية الدخل في وجود المعلول وتحققه وعدم كون الجميع على وزان واحد في ذلك وان مناط دخل كل غير ما هو المناط في الاخر، والا لما كان وجه للعدول في الشرط و المانع عن التعريف المزبور للمقتضى وهو كذلك، فان ملاك المقدمية في المقتضى عبارة عن حيثية المؤثرية، إذ هو في الحقيقة عبارة عن معطي الوجود لأنه هو الذي يخرج المعلول من كمونه ويستند إليه وجوده، كما في مثل النار والاحراق، حيث يرى أن ما ينشأ و يتولد منه الاحراق انما هو النار خاصة. وهذا بخلافه في مثل الشرط والمانع، فان دخلهما فيه لا يكون على نحو دخل المقتضى في كونه بنحو المؤثرية والمتأثرية بل وانما كان بمناط آخر غير المؤثرية كما ستعرف، كيف ولا إشكال بينهم في أن عدم المانع من المقدمات ومن أجزأ العلة التامة حسب تفسيرهم إياها بالأمور الثلاثة: المقتضى والشرط وعدم المانع، ويكشف عنه أيضا التزامهم بترشح الحرمة الغيرية نحو المانع في مثل الصلاة في غير الأكول وبنائهم على جريان (كل شئ لك حلال) في مشكوك المانعية عند الشك في كون اللباس من المأكول أو غيره، بتقريب اقتضاء القاعدة حلية المشكوك ولو غيريا والترخيص في إيجاد الصلاة فيه.
مع أنه من المستحيل ان يكون دخل عدم المانع في تحقق المعلول بنحو المؤثرية كما في
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»