في المقام في إثبات الصحة برفع المشكوك المانعية، من جهة استلزامه لوجوب الوفاء الذي هو خلاف الامتنان في حقه. لا يقال: إن ذلك كذلك في مثل دليل الرفع ونحوه مما كان مسوقا في مقام الامتنان لا في مثل دليل الحلية مما لا يكون كذلك وحينئذ لولا دعوى اختصاصه بالحلية التكليفية لا بأس بدعوى جريانه واقتضائه لنفوذ المعاملة باجزائه في نفس المعاملة حيث إنه باقتران المعاملة بمشكوك المانعية والمخلية يشك في حليتها وضعا ونفوذها في النقل والانتقال فبدليل الحلية يثبت كونها حلالا وضعا ومؤثرا في النقل والانتقال، فإنه يقال: نعم ولكنه من جهة اختصاصه بخصوص الحلية التكليفية غير جار في المعاملات حتى يقتضى صحة المعاملة و نفوذها، ومن ذلك أيضا لم يتوهم أحد من الأصحاب جريان هذه الأدلة في أبواب المعاملات لاثبات الصحة فيها، بل ومع الشك أطبقوا على جريان أصالة الفساد ومن المعلوم انه لا يكون ذلك الا من جهة اختصاصه بالحلية التكليفية، كما هو واضح.
هذا كله حسب ما تقتضيه القواعد، ولقد عرفت عدم اقتضاء النهي المولوي التحريمي للفساد مطلقا، سوأ بين تعلقه بالمسبب أو السبب أو بالتسبب به إلى المسبب، وان المقتضى له انما هو النهي الارشادي.
واما حسب النصوص الخاصة فقد يقال: بدلالتها على ملازمة النهي للفساد كالخبر المروي في الكافي والفقيه عن زرارة عن الباقر عليه السلام قال: سألته عن مملوك تزوج بغير اذن سيده فقال: عليه السلام ذاك إلى سيده، إن شاء أجازه وإن شاء فرق بينهما، قلت:
أصلحك الله ان الحكم بن عيينة (عتيبة) وإبراهيم النخعي وأصابهما يقولون: ان أصل النكاح فاسد ولا تحل إجازة السيد له، فقال عليه السلام: انه لم يعص الله سبحانه وانما عصى سيده، فإذا أجازه فهو له جائز () بتقريب دلالة الرواية على أن النكاح لم يكن مما حرمه الله حتى يقع فاسدا ولا يصلحه إجازة السيد، فتدل حينئذ على ملازمة النهي المولوي للفساد في المعاملات، ولكن فيه ان الظاهر من المعصية المنفية بقرينة المقابلة انما هو عدم كونه مما لم يمضه الله ولم يشرعه له كما كان ذلك هو المراد أيضا من معصية السيد حيث أريد منها عدم إجازة