نهاية الأفكار - تقرير بحث آقا ضياء ، للبروجردي - ج ٢ - الصفحة ٤٦٦
وعليه فلا يكاد يوجب حرمة التشريع حرمة الافتاء والعمل الخارجي الجوانحي، حتى يوجب فساده إذا كان عبادة، ولو مع فرض انكشاف مشروعية المأتي به واقعا وتبين كون ما بنى على وجوبه أو جزئية باعتقاد حرمته ومانعيته واجبا شرعا وجز للمأمور به واقعا وفرض كون تشريعه في تطبيق المأمور به على المصداق لا في مقام الامر الشرعي.
ومن ذلك البيان ظهر أيضا بطلان ما أفيد بان ذات العمل وان لم يكن قبيحا ومبغوضا حينئذ الا انه من حيث صدوره من المكلف كان قبيحا ومبغوضا، ومعه لا يكون قابلا للتقرب به، وجه البطلان يظهر مما سبق من كون المحرم هو البناء القلبي الذي هو من فعل الجوانح وخروج العمل بقول مطلق عن موضوع التشريع المحرم، كيف ومع الغض عن ذلك نقول: بان ما هو القبيح حينئذ انما كان حيث إضافة العمل إلى الفاعل دون نفسه، وفي مثله لا بأس بالتقرب بذات العمل بعد فرض كونه راجحا واقعا وكون تشريعه أيضا في تطبيق ما هو المأمور به على المصداق الخارجي لا في ناحية الامر الشرعي فتأمل، وعلى فرض سراية القبح والمبغوضية إلى ذات العمل ولو بدعوى اتحاد الوجود والايجاد وكون الاختلاف بينهما بالاعتبار، نقول إنه وإن كان يلزمه حينئذ فساد العبادة، لكن يلزمه أيضا المصير إلى الفساد في المعاملة أيضا بناء على ما سلكه القائل المزبور من اقتضاء النهي عن المعاملة لفسادها، من جهة اقتضاء النهي لخروج المعاملة عن حيطة قدرة المكلف وسلطانه، إذ حينئذ بمقتضى هذا النهي التشريعي يخرج العمل عن حيطة قدرته وسلطانه بنحو كان له الفعل والترك، ومع خروجه عن حيطة قدرته وكونه أجنبيا عنه لا جرم يبطل المعاملة، فلا يصح حينئذ التفكيك بين العبادات و المعاملات في اقتضاء النهي التشريعي لفساد، هكذا أفاده الأستاذ دام ظله في بحثه، ولكن أقول: بان التأمل في كلمات القائل المزبور يقتضى عدم ورود هذا الاشكال عليه حيث إنه قدس سره انما يدعى خروج النقل أو العمل عن حيطة قدرة المكلف وسلطانه بالنهي أو الامر فيما لو كان النهي أو الامر متعلقا بالشئ بمعناه الاسم المصدري لا مطلقا ولو كان المنهي عنه هو الشئ بمعناه المصدري، وعليه فإذا كان المنهي عنه في المقام - على ما صرح به في التقرير - حيث إضافة إصدار العمل من المكلف بهذا العنوان لا نفس الصادر فلا يكون فيه جهة مبغوضية أصلا، فلا جرم يلزم الالتزام بعدم الفساد في المعاملة، واما التزامه بالفساد في العبادات فإنما هو من جهة اعتباره في
(٤٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 461 462 463 464 465 466 467 468 469 470 471 ... » »»