بإذنه ورضاه، فلا يكون مثل هذا العصيان حينئذ راجعا إليه سبحانه كعصيانه لتكاليفه كالصلاة والصوم ونحوهما، حتى يوجب استحقاق العقوبة ويوجب فساد المعاملة. وحينئذ فلو ادعى أحد اقتضاء النهي المولوي التحريمي لفساد المعاملة لا مجال للاستدلال بالرواية المزبورة في القبال على عدم دلالة النهي التكليفي للفساد كما لا يخفى، فتأمل. نعم كما لا دلالة لها على عدم اقتضاء النهي للفساد لا دلالة لها أيضا على اقتضائه للفساد من جهة ما عرفت من ظهورها في إرادة العصيان الوضعي بمعنى عدم المشروعية، فتدبر.
ومن الاخبار التي استدل بها للفساد رواية ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال من طلق ثلاثا في مجلس فليس بشي، من خالف كتاب الله عز وجل رد إلى كتاب الله عز وجل ()، وبمضمونه أيضا روايات كثيرة () ولكن الجواب عنها يظهر مما سبق حيث إن مخالفة الطلاق ثلاثا في مجلس واحد لكتاب الله والسنة انما هي من جهة كونه مما ردع الله عنه ولم يشرعه في كتابه، و نحن نقول بالفساد فيما كان من هذا القبيل.
ثم إن المحكي عن أبي حنيفة والشيباني انما هو دلالة النهي التكليفي على الصحة، وقد حكى عن الفخر موافقتهما في ذلك.
وهو كذلك في المعاملات فيما لو كان النهي عنها بلحاظ الآثار، من جهة وضوح اعتبار القدرة على المتعلق في النهي كما في الامر، فإذا كانت المعاملة فاسدة من جهة النهي يلزم عدم كونها مقدورا للمكلف، ومعه لا يكاد يصح توجيه النهي إليه عن إيجادها وحينئذ فوجود النهي عن المعاملة بالفرض يقتضى كونها مقدورة له، ومقدوريتها له تقتضي صحتها وهو المطلوب، هذا إذا كان النهي عن المعاملة بلحاظ المسبب أو بلحاظ التسبب بها إليه، واما لو كان النهي عنها بلحاظ السبب فهو غير مقتض لصحتها وترتب الآثار عليها إذ لا يلزم من مجرد مقدورية السبب ترتب الأثر عليه، كما هو واضح.
واما في العبادات فما كان منها عبادة ذاتية كالركوع والسجود ونحوهما من الأمور الموضوعة لان تكون آلات للخضوع فكذلك أيضا فإنها كانت مقدورة وكانت مع النهي باقية على وصفها العبادي، فيتمكن من الاتيان بها صحيحة مع النهي، حيث كان صحتها عبارة أخرى عن تحقق ذواتها، نعم غاية ما هناك هو عدم وقوعها مقربة له من جهة