انها كانت حاصلة لهم من غير اشتغالهم بتحصيل العلم في مرور الزمان. نعم بعد تحقق الإناطة بتوسيط جعل الشارع أو بتوسيط قضاء العادة يكون التوقف عقليا، لكن عرفت عدم كون محط النظر من التقسيم المزبور على ذلك وانما محطه في أصل الإناطة بين الوجود، و عليه فالتقسيم المزبور يكون في محله، كما هو واضح.
ومن التقسيمات تقسيمها إلى مقدمة الوجود ومقدمة الصحة ومقدمة العلم فالأولى هي ما يتوقف عليه وجود الشئ. والثانية ما يتوقف عليه صحة الشئ بنحو يستحيل اتصاف الذات بها بدونها. والثالثة ما يتوقف عليه العلم بالشئ كالصلاة إلى أربع جهات عند اشتباه القبلة. ولكن الظاهر عدم كون مقدمة الصحة قسما برأسه لكونها اما راجعة إلى مقدمة الوجوب أو إلى مقدمة الواجب، من جهة ان دخل الشئ اما ان يكون في اتصاف الذات بالوصف العنواني واما ان يكون دخله في وجود المتصف فارغا عن أصل الاتصاف فعلى الأول يرجع إلى مقدمة الوجوب وسيأتي إن شاء الله تعالى خروجها عن حريم النزاع وعلى الثاني يرجع إلى مقدمة الواجب. واما مقدمة العلم فقد يقال بخروجها أيضا عن حريم النزاع، لأنه ليس لنا مورد يكون تحصيل العلم واجبا شرعا حتى ينازع في وجوب مقدماته، وهو كذلك في غير المعارف الاعتقادية المطلوب فيها المعرفة نفسيا كالعلم بوجود الصانع وصفاته الثبوتية والسلبية ومعرفة النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام وعقد القلب والانقياد لهم، واما في الأحكام الشرعية فالامر كما ذكر من خروج مقدمات العلم عن حريم النزاع بناء على التحقيق من عدم وجوب قصد الوجه والتميز شرعا في الواجبات، إذ حينئذ لا يكون لنا مورد في الأحكام الشرعية كان العلم واجبا شرعا حتى ينازع في وجوب مقدماته.
وذلك اما في مقام فراغ الذمة عند العلم الاجمالي بالتكليف فواضح، لان وجوبه حينئذ لا يكون الا عقليا محضا إرشادا منه إلى عدم الوقوع في محذور مخالفة التكليف الثابت المنجز بمقتضى العلم الاجمالي.