يستكشف بنحو الان من دلالة الصيغة عن ثبوت الملازمة ومن عدم دلالتها عن عدم ثبوت الملازمة بين المعنيين. نعم يرد عليه حينئذ أن مجرد ثبوت الملازمة بين معنيين ما لم يكن اللزوم بنحو البين بالمعنى الأخص لا يرتبط بمقام الدلالة اللفظية حتى تكون المسألة لفظية و داخلة في مباحث الألفاظ، وعليه ينحصر الامر في المسألة في كونها عقلية محضة وكان ذكرها في مباحث الألفاظ للمناسبة المزبورة، فتأمل.
الأمر الثالث:
أنهم قسموا المقدمة إلى تقسيمات:
منها تقسيمها بالداخلية والخارجية وذكروا ان الداخلية هي الأمور المأخوذة في ماهية المأمور به وحقيقته المعبر عنها بالاجزاء، واما الخارجية فهي الأمور الدخيلة في تحقق المأمور به الخارجة عن حقيقته وماهيته، كما في السبب والشرط والمانع والمعد، على ما يأتي تفصيلها إن شاء الله تعالى.
فنقول: اما المقدمات الخارجية فسيأتي الكلام فيها في كونها مورد البحث إثباتا ونفيا. اما المقدمات الداخلية فلا إشكال في وجوبها بالوجوب النفسي الضمني، وانما الكلام في وجوبها بالوجوب الغيري، ومنشأه انما هو الاشكال في أصل مقدمية الاجزاء وتحقق ملاك المقدمية فيها، وغاية ما قيل أو يمكن ان يقال في وجه مقدمية أجزأ المركب دعوى ان المقدمة هي نفس ذوات الافعال بلا شرط وذا المقدمة هو الكل الذي عبارة عن ذوات الافعال بشرط الاجتماع بنحو كان للهيئة الاجتماعية أيضا دخل فيه، نظير الهيئة السريرية الحاصلة من اتصال الأخشاب بعضها ببعض، فان من المعلوم حينئذ ان تلك الذوات بملاحظة معروضيتها للهيئة متقدمة على الكل طبعا، فتحقق فيها ملاك المقدمية، هذا.
ولكن التحقيق خلافه وانه لا مجال لاعتبار المقدمية في أجزأ المركب من جهة وضوح ان الملاك في مقدمية شئ لشئ انما هو كون الشئ مما يتوقف عليه وجود الشئ وفي رتبة سابقة عليه، إذ لا يكاد انتزاع هذا العنوان إلا عما تقدم على الشئ رتبة بنحو يتخلل بينهما الفاء كما في قولك: (وجد فوجد) وقضية ذلك لا محالة هي المغايرة والاثنينية في