حقيقة البيع عند العرف والشرع لا مجال لهذا الاشكال، فإنه عليه أمكن قابلية البيع مع كونه بسيطا غاية البساطة للاتصاف بالصحة و الفساد.
ولتوضيح المرام نذكر المحتملات المتصورة في موارد تخالف الشرع والعرف، فنقول:
ان المحتملات المتصورة لعدم إمضاء الشارع لكثير من المعاملات العرفية كبيع المنابذة والملامسة والبيع الربوي وغيرها ثلاثة:
الأول: ان يكون من باب تخطئة الشارع نظر العرف في عدهم غير البيع مصداقا حقيقيا للبيع، ومرجع ذلك إلى اتحاد حقيقة البيع مفهوما ومصداقا عند العرف والشرع، ولكن العرف لما أخطئوا في نظرهم وتخيلوا بزعمهم غير البيع بيعا حقيقيا خطأهم الشارع بأنه لا يكون مصداقا للبيع وانه سراب بقيعة يحسبه الظم آن ماء.
الثاني: ان يكون ذلك من باب التخصيص والاخراج الحكمي والتنبيه على أن جميع البيوع العرفية وإن كان بيعا حقيقة حتى في نظر الشارع إلا أن الأثر الشرعي مرتب على بعض مصاديق البيع لا على جميع مصاديقه، ومرجع ذلك أيضا إلى اتحاد حقيقة البيع مفهوما و مصداقا عند العرف والشرع ولكن الشارع لم يرتب الآثار إلا على بعض مصاديقه.
الثالث: ان يكون ذلك من باب ان الأثر الشرعي مرتب على ما هو مصداق للبيع عند الشارع لا على الجامع المنطبق على المصداق الشرعي والعرفي، ومرجع هذا الوجه إلى أن للبيع حقيقة مصداقين: أحدهما منسوب إلى الشارع ومضاف إليه وهو الموضوع للآثار الشرعية، و الاخر منسوب إلى العرف وهو الموضوع للآثار الخاصة عندهم. والفرق بين الوجهين الآخرين هو انه في الأول يكون جميع المصاديق من البيوع العرفية بيعا حقيقة في نظر الشارع أيضا ولكنه مع ذلك يخص حكمه ببعض افراده ومصاديقه، بخلافه على الأخير فإنه عليه يكون للبيع مصداقان: مصداق شرعي ومصداق عرفي، نظير مفهوم الايجاب الذي كان له مصداقان: مصداق شرعي ومصداق عرفي، فكان الأثر الشرعي مرتبا على ما هو مصداق للبيع عند الشارع. فهذه وجوه ثلاثة متصورة للاختلاف.
وربما يختلف هذه الوجوه بعضها مع بعض بحسب اللوازم، فان لازم الوجه الأول هو عدم قابلية البيع للاتصاف بالصحة تارة وبالفساد أخرى نظرا إلى دوران امره دائما بين الوجود والعدم، بخلافه على الآخرين فإنه عليهما قابل لان يوجد البيع ويكون مؤثرا شرعا