يستحيل توجهها في ذاك الان إلى شئ آخر يغايره ويباينه على نحو توجهها بما توجهت إليه أولا. وهذا المعنى من الوجدانيات التي لا تحتاج إلى إقامة البرهان عليه، ولذا ترى من نفسك عند توجهك إلى أمر من الأمور العلمية أو غيرها الغفلة في ذلك الان عن بقية الأمور ومن المعلوم انه ليس ذلك إلا من جهة ما أشرنا إليه من الاستحالة. ومقايسته المقام بسائر صفات النفس من الحب والبغض ونحو هما ممنوعة، بأن مثل الحب والبغض ونحو هما أمور قهرية عارضة على النفس بلحاظ مناشئها الخاصة، فمن ذلك أمكن اجتماعها عند فرض تعدد المتعلق وأين ذلك واللحاظ الذي هو من الأمور الاختيارية للنفس فعلى ذلك لا فرق في الاستحالة بين القول بمرآتية اللفظ للمعنى أو أماريته فان مناط الاستحالة انما هو حيث اجتماع اللحاظين في آن واحد للحاظ واحد، كان في العالم لفظ أم لا قلنا بمرآتية اللفظ أو أماريته كما هو واضح.
اللهم إلا أن يدعى بأن ذلك انما يتم فيما لو كان المعنيان كل واحد منهما متعلقا لتمام اللحاظ على معنى ان تمام اللحاظ كما تعلق بهذا المعنى كذلك تعلق بذلك المعنى الاخر، إذ حينئذ يتوجه المحذور المزبور ولو أمارية اللفظ باعتبار ان لازم تعلق تمام اللحاظ بشي هو الغفلة عما عداه. ولكنه ليس كذلك، بل المدار في الاستقلال بحسب اللحاظ انما هو استقلال كل من المعنيين في عالم تعلق اللحاظ على نحو كان كل منهما تمام الملحوظ لا تمام الملحوظ بتمام اللحاظ، والفرق بينهما واضح.
فعلى ذلك فلا بد من التفصيل بين القول بالمرآتية وبين القول بالأمارية في الجواز والامتناع، بالمصير إلى الجواز عقلا في الثاني و الامتناع عقلا في الأول، ولكن حيث إن التحقيق في المسلكين هو مسلك المرآتية دون الامارية - كما تقدم بيانه في محله - فلا جرم يتعين القول بالامتناع عقلا من دون فرق في الاستحالة بين الحقيقة والمجاز ولا بين المفرد وبين التثنية والجمع فان مناط الاستحالة متحقق على جميع الصور والتقادير. واما الانتقاض ببابي العام الاستغراقي والوضع من حيث كون كل فرد من افراد العام محكوما بحكم شخصي مستقل وهكذا في الوضع في عام الوضع وخاص الموضوع له، فمدفوع بما مر سابقا من خروج نحو ذلك عما هو مورد الكلام، فان مورد الكلام كما عرفت انما هو صورة استعمال اللفظ في المتعدد بما هو متعدد بحسب اللحاظ بنحو يكون المعنيان كل واحد منهما تمام الملحوظ باللحاظ لا بحسب إرادة الوجود خارجا، على أن الحكم في