القبلة، مما لها الدخل في أصل اتصاف الأجزاء بالصلاتية بحيث لولاها لما كاد اتصافها بكونها صلاة أصلا، وعليه فللقائل بالصحيح كمال المجال لدعوى الوضع للصحيح حتى من جهة الشرائط مع التزامه أيضا بالصحيح الاقتضائي دون الفعلي والتزامه أيضا بأن ما هو المقتضى للصحة وللنهي عن الفحشاء هو خصوص الأجزاء وانها هي المسماة بالصلاة دون غيرها كما لا يخفى.
بقي شئ - وان لم يكن له مساس بما نحن بصدده - وهو ان الصحة والفساد في المقام بل وكذا في غير المقام، هل هي مجعولة أو انتزاعية صرفة من التكليف، أو انها من الأمور الواقعية؟ حيث إن فيها وجوها، ولكن التحقيق فيها هو التفصيل بين كونها بمعنى سقوط الإعادة والقضاء كما عند الفقيه فجعلية كما في موارد القصر والاتمام والجهر والاخفات حيث كان سقوط الإعادة والقضاء بجعل من الشارع وحكم منه بالسقوط، وبين كونها بمعنى موافقة الامر كما عند المتكلم فانتزاعية صرفة من التكليف والامر، وبين كونها بمعنى المؤثرية في الملاك والمصلحة فأمر واقعي لا جعلي ولا انتزاعي من التكليف والامر فتدبر.
الرابع من الأمور:
لا يخفى ان هذا النزاع انما يختص جريانه بالمعاني القابلة للاتصاف بالصحة تارة وبالفساد أخرى، واما ما لا يكون كذلك مما يدور امره دائما بين الوجود والعدم وكان وجوده مساوقا لصحته فلا يجري فيه هذا النزاع. وعلى هذا فيختص هذا النزاع بعناوين العبادات كالصلاة والصوم والحج ونحوها ولا يجري في عناوين المعاملات كالبيع والصلح والنكاح ونحوها لان تلك العناوين مما يدور امرها دائما بين الوجود والعدم، حيث كان صحتها وترتب الأثر عليها مساوق وجودها وتحققها كما أن عدم ترتب الأثر عليها مساوق عدم وجودها فلا يتصور لها وجود حينئذ يترتب عليها الأثر تارة ولا يترتب عليها أخرى. وهذا بخلافه في العبادات فإنها باعتبار تركبها كانت قابلة للاتصاف بالوصفين المزبورين بحيث يترتب عليها الأثر تارة ولا يترتب عليها أخرى ولذلك كان لجريان النزاع فيها كمال مجال. نعم لو قلنا في المعاملات بأن تلك العناوين من البيع والصلح والإجارة و نحو أسام للأسباب وهي العقود دون المسببات يدخل المعاملات أيضا في عموم النزاع، حيث إنها باعتبار تركبها حينئذ من أجزأ كالايجاب والقبول واشتمالها على شرائط خاصة من نحو صدورها عن البالغ العاقل وممن له الأهلية