وعلى كل حال فالظاهر أن المراد من الصحة في المقام عند القائل بالصحيح هو الصحة الاقتضائية على معنى كون الشئ تاما في مرحلة اقتضائه في المؤثرية ويقابلها الفساد بمعنى عدم تماميته في مرحلة الاقتضاء في التأثير، لا ان المراد هو الصحة الفعلية الملازمة للمؤثرية الفعلية، كيف وان مثل هذا المعنى في العبادات منوط بقصد القربة المعلوم بالبداهة خروجه عن المسمى جزما نظرا إلى استحالة أخذه فيه كما هو واضح، ومعه لا محيص وأن يكون مورد البحث والكلام من الصحة والتمامية هو الصحة الاقتضائية لا الفعلية.
نعم يبقى الكلام حينئذ بالنسبة إلى غير قصد القربة من الشرائط الأخر - كالطهور والقبلة والتستر ونحوها - في عموم النزاع و جريانه بالنسبة إليها أيضا أو اختصاصه بخصوص الاجزاء؟ فنقول: الذي يظهر من المشهور من القائلين بالصحيح من مثل استدلالهم بمثل قوله: لا صلاة الا بطهور ولا صلاة إلا إلى القبلة، هو الأول من تعميم النزاع بالنسبة إلى الشرائط أيضا فان استدلالهم بما ذكر لنفي الحقيقة بدون الطهور والقبلة ظاهر بل صريح في إرادة الصحة والتمامية حتى بحسب الشرائط أيضا. وعليه فلا يبقى مجال لتخصيص هذا النزاع بخصوص الاجزاء وجعل المراد من الصحة والتمامية هو التمامية بحسب الاجزاء دون الشرائط كما لا يخفى.
نعم قد يشكل عليه بأن ذلك كذلك فيما لو كانت الشرائط راجعة إلى مقام الدخل في ناحية المؤثر والمقتضى ولو بنحو دخول التقيد و خروج القيد الراجع إلى كون حقيقة الصلاة مثلا عبارة عن الأجزاء الخاصة من الركوع والسجود ونحوهما مع تقيدات خاصة بالطهارة والقبلة والستر، وإلا فبناء على رجوعها إلى مقام الدخل في قابلية المحل للتأثر والانوجاد نظير الشرائط في العلل التكوينية الخارجية كما في مثل يبوسة المحل والمحاذاة الخاصة في الاحراق، فلا جرم يلزمه خروج الشرائط طرا عن مركز هذا النزاع، من جهة ان ما فيه اقتضاء الصحة حينئذ ليس إلا نفس الأجزاء وانما كان دخل الشرائط في مقام اتصافهما بالصحة والمؤثرية الفعلية، كما هو الشأن في العلل التكوينية الخارجية أيضا كالنار مثلا فان ما ينشأ منه الاحراق ليس إلا النار بلا مدخل لحيث يبوسة المحل والمحاذاة الخاصة إلا في مرحلة اتصافها بالمؤثرية الفعلية. وعليه فبعد ان لم يكن المراد من الصحة هو الصحة الفعلية بشهادة خروج مثل قصد القربة، بل كان المراد منها هو الصحة