نهاية الأفكار - تقرير بحث آقا ضياء ، للبروجردي - ج ١ - الصفحة ٢١٩
المأمور به متصلا بطلب الامر. وفيه قضية الامر بشي ليست الا البعث نحوه بالايجاد فإذا كان المتعلق هو الطبيعي الجامع بين الفرد الحالي والفرد الاستقبالي فلا جرم لا يقتضى الامر به أيضا الا إيجاد تلك الطبيعة بما انها جامعة بين الفرد الحالي والاستقبالي، وما ذكر من امتناع تخلف الإرادة ولو التشريعية عن المراد متصلا بها كلام شعري وسيأتي بطلانه أيضا في مبحث المعلق والمشروط بما لا مزيد عليه إن شاء الله تعالى.
ومنها: قوله سبحانه (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم) بتقريب الدلالة فيه على وجوب الاستباق والمسارعة نحو المأمور به بالايجاد على ما هو قضية ظهور الامر في الوجوب. وفيه أيضا انه بعد الغض عما يرد عليه من لزوم تخصيص الأكثر لخروج المندوبات طرا و خروج كثير من الواجبات أيضا كالصلاة اليومية ونحوها، نقول: بأنه انما يتم ذلك لولا قضية الارتكاز العقلي بحسن المسارعة و الاستباق إلى إيجاد المأمور به والا فمع هذا الارتكاز لا جرم يكون الامر بالمسارعة إرشادا محضا ومعه لا مجال لجعله دليلا على وجوب الفور والمسارعة، كما لا يخفى.
بقي الكلام في أنه على هذا القول من وجوب المبادرة والاستعجال، هل الواجب هو الاتيان بالمأمور به فورا ففورا بحيث لو لم يأت المكلف بالمأمور به في الان الأول بعد الامر يجب عليه الاتيان به في الان الثاني ولا يجوز التراخي؟ أم لا بل يجوز له التراخي في الان الثاني كما لو لم يجب عليه الفور في الان الأول؟ أو ان قضية ذلك هو سقوط التكليف عن المأمور به في الان الثاني رأسا عند الاخلال بالفور في الان الأول ولو من جهة كونه من قبيل وحدة المطلوب؟ فيه وجوه: أظهرها أولها، كما هو قضية استدلالهم ب آية المسارعة و الاستباق حيث إن من المعلوم ان الآية انما هو في مقام بيان المسارعة إلى الخيرات فورا ففورا، بل ذلك أيضا مما تقتضيه قضية استدلالهم بذلك البرهان العقلي المزبور إذ مقتضاه أيضا هو لزوم الاتيان بالمأمور به فورا ففورا، كما هو واضح.
وأما الاحتمال الأخير وهو احتمال سقوط التكليف في ثاني الحال عن المأمور به لو لم يأت المكلف به في الان الأول فهو أبعد الوجوه و لا يساعد عليه استدلالهم بل ولا كلماتهم أيضا، إذ لا يستفاد من كلماتهم تقيد المأمور به بالفور والاستعجال كي يلزمه سقوط التكليف في ثاني الحال، وحينئذ فيكون هذا الاحتمال مما يقطع بعدم إرادته القائل بالفور، ومعه يدور الامر بين الوجهين الأولين وعند ذلك قد عرفت تعين الوجه
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»