نهاية الأفكار - تقرير بحث آقا ضياء ، للبروجردي - ج ١ - الصفحة ١١٠
مثل قوله أكرم العالم لا يكون إلا حكما واحدا متعلقا بأمر واحد وهو العنوان العام، غايته هو انحلاله بحسب التحليل إلى أحكام متعددة حسب تعدد افراد العام وأين ذاك تعدده في مرحلة الانشاء الكلامي كما هو واضح كيف ولازمه انتهاء الأمر إلى إنشاءات أحكام غير متناهية عند عدم تناهي افراد العام وهو كما ترى.
وكيف كان فهذا كله بناء على كون المراد من الاستقلال المبحوث عنه هو الاستقلال في مرحلة النسبة الكلامية الملازم مع الاستقلال بحسب اللحاظ، وعليه قد عرفت بأن التحقيق فيه هو الامتناع عقلا مطلقا - بناء على ما هو التحقيق في وضع الألفاظ من المرآتية لا الامارية - من دون فرق بين الحقيقة والمجاز ولا بين الفرد والتثنية والجمع.
واما بناء على إرادة استقلال ذات المعنى الملحوظ من الاستقلال المبحوث عنه فعليه قد عرفت جوازه عقلا مطلقا ولو على المرآتية في الألفاظ نظرا إلى وضوح إمكان تعلق لحاظ واحد بأمور متعددة بما هي متعددة. وحينئذ فالاستعمال بهذا النحو مما لا مجال لدعوى امتناعه عقلا بل ولا يظن من القائل بالامتناع إرادة هذه الصورة فان تمام همهم في المنع عقلا انما هو صورة الاستقلال المعنيين بوصف الملحوظية.
نعم بعد ما أمكن هذا القسم من الاستعمال في نفسه ولم يقم برهان عقلي على امتناعه يبقى الكلام في جوازه لغة وانه هل يجوز ذلك مطلقا أو لا يجوز كذلك أو يفصل بين المفرد وغيره؟ فنقول انهم ذكروا في المنع عن صحة الاستعمال على الوجه المزبور وجوها:
منها: ما أفاده بعض المحققين في بدائعه حيث قال ما حاصله: ان الاستعمال على الوجه المزبور أمر ممكن لم يقم على المنع عنه دليل عقلي، ولكنه يمنع عن صحة استعماله عدم معهودية الاستعمال بهذا النحو في كلام العرب نظما ونثرا كما يظهر عند التتبع واستقرأ كلماتهم ممن يعتد بشأنه من الخطباء وغيرهم، فإذا فرض عدم مساعدة أهل اللسان على مثل هذا النحو من الاستعمال وخروجه عما هو المأنوس والمتعارف عندهم فلا جرم يكون الاستعمال غلطا غير صحيح من جهة عدم كونه من اللغة المتحاور فيها علاوة عما نرى بالوجدان من إبائه عن التعبير عن المعاني المختلفة بلفظ واحد ولو في الموارد المطلوب فيها الايجاز والاختصار.
أقول: ولا يخفى عليك انه لو تم هذا الدليل لكان مقتضاه عدم الفرق في المنع بين المفرد وغيره ولا بين ان يكون الاستعمال بنحو الحقيقة أو المجاز.
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»