منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ٣٦
الإرادة لا مفهومها العام، فإنه لا ينبغي أن يصدر من عاقل. فإذا كان كذلك ففي كل استعمال في الاعلام الشخصية أو أسماء الأجناس تكون الإرادة غيرها في الاستعمال الاخر، فيلزم ما ذكرنا.
و (ثانيهما) - صحة الحمل بدون التصرف في ألفاظ الأطراف بأن يستعمل كل واحد منهما أي الموضوع والمحمول في بعض ما وضع له بتجريدهما عن بعض المعنى الاخر، أي الإرادة. وصحة الحمل بدون مثل هذه التصرفات وجدانية لا تحتاج إلى إقامة برهان.
والحاصل أنه لا ينبغي أن يقع نزاع في هذه المرحلة، بل الكلام في مرحلة أخرى، وهي أن الدلالة هل هي تابعة للإرادة أو لا؟ والتحقيق في هذا المقام أما بالنسبة إلى الدلالة التصورية فلا يحتاج إلى الإرادة أصلا، بل كل من علم بالوضع وسمع اللفظ ينتقل منه إلى المعنى و يخطر بباله، سواء أراد اللافظ أو لا. واما بالنسبة إلى الدلالة التصديقية والحكم بأن هذا المعنى مراد له، فتارة نتكلم في مقام الاثبات، و أخرى في مقام الثبوت.
اما الأول - أي التكلم في مقام الاثبات - فلا شك في تبعية الدلالة للظهورات، ولا بد أن يؤخذ بظواهر الكلمات والجمل، ويحكم بأنها مرادة له ما لم يكن علم بالخلاف، كما هو طريقة أهل العرف و المحاورة ودأبهم وديدنهم في مقام الافادة والاستفادة، وبيان مراداتهم، سواء أ كانت - في حاق الواقع للمتكلم - إرادة أم لا.
و (بعبارة أخرى) المدار في الدلالة - في مقام الاثبات - على تحقق الظهور للفظ، فيجب عند أهل المحاورة العمل على طبقه والمشي على وفقه، سواء أراد أو لم يرد في حاق الواقع. نعم هذه الدلالة متوقفة على عدم العلم بإرادة خلاف الظاهر، والا فمع العلم بعدم إرادة الظاهر لا يبقى مجال للاخذ بالظهور.
وأما الثاني - أي التكلم باعتبار مقام الثبوت، وان الدلالة في هذا المقام هل
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»