- بتلك القدرة الموهوبة لها من قبله جل جلاله - مفهوما واحدا غير مركب ولا مقيد بشئ، فهذا علم تصوري واحد يدل عليه لفظ واحد، و إذا أوجدت مفاهيم متعددة غير مرتبطة، فهذه علوم تصورية متعددة تدل عليها ألفاظ متعددة بلا ارتباط لا بين هذه الألفاظ ولا بين تلك المعاني، وإذا أوجدت مفاهيم متعددة مرتبطة مقيدة بعضها ببعض على اختلاف أنحاء النسب والارتباطات والتقييدات فكما ان إلقاء تلك المفاهيم والمعاني المستقلة تكون بإلقاء ألفاظ الأسماء و الافعال باعتبار موادها لا هيئاتها، كذلك إبراز تلك النسب التي بين تلك المفاهيم تكون بتوسط الحروف والهيئات.
وقد ظهر مما ذكرناه حال القول الآتي.
(السادس) - ما ذهب إليه صاحب الحاشية من التفصيل بين الحروف بأن معاني بعضها إيجادية كحروف النداء والتمني والترجي: وبعضها الاخر إخطارية ولا حاجة إلى تطويل الكلام وإعادة النقض والابرام. وبعد ان عرفت المختار والصحيح من الأقوال في المعنى الحرفي فلنشرع في ما هو المقصود في المقام من كيفية وضع الحروف وانه من أي قسم من الأقسام الثلاثة الممكنة المتقدمة، فنقول:
أما الوضع الخاص والموضوع له الخاص فغير معقول كما هو واضح، لان اشخاص المعاني الحرفية غير قابلة للتصور بلا توسيط معنى اسمي، والا تخرج عن كونها معاني حرفية، مضافا إلى عدم تناهيها. و استحضار ما لا نهاية له بالصور التفصيلية - كما هو شأن الوضع الخاص - غير معقول، فيبقى القسمان الآخران من الأقسام الثلاثة، أعني الوضع العام والموضوع له الخاص والوضع العام والموضوع له العام. وبعض من قال بهذا الأخير قال بأن المستعمل فيه خاص، فتصير الأقوال في وضع الحروف - بهذا الاعتبار - ثلاثة، لكن هذا القول الأخير - أعني كون المستعمل فيه فيها خاصا مع كون الوضع و الموضوع له عاما أيضا - واضح