الحكم إن كان واجبا، كانت واجبة وان كان مستحبا كانت مستحبة و هكذا و (ثانيا) أنه لو فرضنا ان البحث في خصوص وجوب مقدمة الواجب، لكن وجوب المقدمات ليس على شكل واحد من حيث المرتبة بل مختلف فيها شدة وضعفا (ففيه) أن الفرض الأول خلاف الفرض، لان الكلام في وجوب مقدمة الواجب لا في أن المقدمة لكل ما هو محكوم بحكم من الأحكام الخمسة هل هي محكومة بحكم ذلك الشئ أم لا؟ واما كلامه الثاني وهو ان المحمول في المسألة الفقهية لا بد وأن يكون حكما وحدانيا بمرتبة واحدة ناشئا عن ملاك واحد، ووجوب المقدمة ناشئ عن ملاكات متعددة لان ملاك وجوبها هي ملاكات الواجبات النفسية وهي مختلفة ومراتبها أيضا متفاوتة فهذا دعوى بلا بينة وبرهان بل البرهان على خلافه، وهو ما بينا من أن المسألة الفقهية هي ما يبحث فيها عن الحكم الفرعي الشرعي الكلي لموضوع وليس فيها مثل هذه القيود أصلا. واما الجهة الكلامية فبناء على أن علم الكلام هو العلم الذي يبحث فيه عن أحوال المبدأ و المعاد أو ما يرجع إليهما من الثواب والعقاب والتحسين والتقبيح العقليين، فيمكن ان يقال إن الملازمة بين الوجوبين - بالآخرة - تنتهي إلى ما ذكر ولكن يشكل ذلك بأن وجوب المقدمة لا يستتبع عقابا واستتباعه للثواب وإن كان مسلما لو أتى بها بقصد إطاعة أمر ذي المقدمة لكنه يترتب عليه مطلقا: قلنا بالملازمة أو لم نقل. واما بناء على أن علم الكلام عبارة عن العلم بأحوال أعيان الموجودات بقدر الطاقة البشرية فيمكن ان يقال بأن البحث عن الملازمة بحث عن حالات وجوبات الأشياء. ولكن يشكل ذلك بأن المراد بأعيان الموجودات هي الموجودات العينية الواقعية، لا الموجودات الاعتبارية كالأحكام الشرعية التي هي مجعولات في عالم الاعتبار و اما كونها من مبادئ الاحكام فلما تقدم في أول الكتاب من أنها عبارة عن الحالات العارضة على نفس الاحكام ككونها متضادة مثلا، ومن جملتها هي الملازمة بين وجوب شئ ووجوب مقدمته.
ثم إنك بعد ما عرفت ان المسألة أصولية فلتعلم انها عقلية لا لفظية لان الكلام