نرى أنها مكيفة بالضرورة، فثبوته له في حاق الواقع وعدمه كذلك لا ربط له بالانقلاب.
وأجيب عن هذا الايراد بانحلال قضية (زيد كاتب) مثلا بناء على أخذ مصداق الذات في المشتق إلى قضيتين إحداهما زيد زيد وهذه ضرورية، والأخرى زيد ثبتت له الكتابة، وهذه ممكنة. مع أن القضايا الممكنة ممكنة لا غير لا أنها مركبة من قضيتين إحداهما ممكنة و الأخرى ضرورية، وأنت خبير بعدم تمامية هذا الكلام، لان المركب من أمرين (تارة) يكون كل جز منه خبرا مستقلا للمبتدأ المتقدم عليهما، مثل زيد شاعر كاتب. و (أخرى) يكون المجموع خبرا واحدا من دون تقييد أحدهما بالآخر، كقولك هذا الرمان حلو حامض. و (ثالثة) يكون المجموع أيضا ولكن مع تقييد أحدهما بالآخر كقولك هذه رقبة مؤمنة، أو زيد رجل طويل القامة. وهذا الكلام لا يستقم الا في الشق الأول من هذه الشقوق الثلاثة، لأنه فيه تتحقق قضيتان في إحداهما الجز الأول خبر وفي الأخرى خبر آخر، وأما في الشقين الآخرين فلا تحصل الا قضية واحدة، لأن المفروض أن المجموع خبر واحد، ولا شك في أن ما نحن فيه من قبيل الشق الثالث، لان المحمول فيه مصداق الذات مقيدا بكونه كذا فلا ينحل إلى قضيتين كما توهم.
نعم يبقى كلام في أن هذا المحمول الذي هو عبارة عن مصداق الذات مقيدا بكونه كذا هل هو ضروري الثبوت للموضوع حتى يلزم منه الانقلاب، أو ليس ضروريا لمكان عدم ضرورية القيد فلا يلزم منه الانقلاب؟ والتحقيق ان ثبوت الايمان مثلا في مثل هذه رقبة مؤمنة لمصداق الذات المأخوذة في المشتق بالامكان، وأما ثبوت هذا المصداق الذي هو متصف بالايمان بالامكان للموضوع أي لنفسه بالضرورة.
وذلك من جهة أن القيد ثبوته لذات المقيد بالامكان. واما ذات المقيد الذي ثبت له هذا القيد بالامكان، فثبوته لنفس الذات بالضرورة، لان الذات ذات بالضرورة وإمكانية القيد أيضا ثابتة له بالضرورة فكلا الجزئين ضروريان. (إذا عرفت هذه الأمور) فنقول: ان في المسألة أقوالا كثيرة: قول بوضعها