(الجهة الرابعة) - في أن المشهور بين الامامية - وفاقا للمعتزلة وخلافا للأشاعرة - هو اتحاد الطلب والإرادة. وهذا البحث قد يقع في ناحية المفهوم، و قد يكون في ناحية المصداق، أما البحث في (ناحية المفهوم) فبحث لغوي يرجع فيه إلى متفاهم العرف من هذين اللفظين. ولا ريب في أنه يفهم من لفظ الإرادة تلك الكيفية النفسانية المعبر عنها بالشوق المؤكد، والظاهر أن الطلب - حسب المتفاهم العرفي - ليس عبارة عن نفس هذا المعنى، بل الطلب عند العرف عبارة عن السعي في تحصيل الشئ، فالظاهر أنهما متغايران مفهوما.
وأما البحث في (ناحية المصداق) فبحث كلامي، وقد ذهب الأشاعرة إلى تغايرهما مصداقا أيضا، وعمدة ما دعاهم إلى هذا القول هو زعمهم وجود الكلام النفسي، وأنه من صفات النفس، وهو غير الإرادة، والعلم وسائر الصفات المشهورة وهو المدلول للكلام اللفظي، فإذا كان الكلام اللفظي من الانشاءات فمدلوله - الذي هو من صفات النفس، وهو غير الإرادة وسائر الصفات المشهورة - يسمى بالطلب، فالطلب عندهم عبارة عما هو مدلول للكلام اللفظي الانشائي، وهو من الصفات القائمة بالنفس غير الإرادة وغير الصفات المشهورة، ومقابلهم الامامية يقولون بعدم وجود صفة أخرى في النفس غير الإرادة وغير الصفات المشهورة - من العلم والقدرة و التمني والترجي وغيرها صفة أخرى تكون قائمة بالنفس ومدلولا للكلام اللفظي - تسمى بالطلب، بل الطلب هو عين الإرادة.
واستدل الأشاعرة على ما ذهبوا إليه بأدلة: (الأول) - أنه في الأوامر الامتحانية لم تتعلق إرادة بالفعل، وإلا يلزم أن تكون أوامر جدية لا امتحانية واختبارية، مع أن الطلب قطعا موجود ولا يمكن إنكاره، والا فنفي الاثنين يساوق إنكار أصل الامر في البين (الثاني) - أن أمر الكفار بالاسلام والايمان والأوامر المتوجهة إلى الكل بالنسبة إلى الفروع والأحكام الشرعية من الكفار والعصاة لم تتعلق بمتعلقاتها إرادة من قبل المولى، والا يلزم تخلف الإرادة عن المراد،