إذا حصل العلم في الثلاثة الأخيرة في الشهر أو وجد الرافع بعد كل طرف، فسيأتي حكمها إن شاء الله، فتحصل إن العلم إما حاصل في البداية، وإما أن يحدث في النهاية، وعلى كل فإما أن يتحقق الغسل مثلا عقيب كل طرف من أطراف العلم، وأما لا يقع إلى آخر الوقت، وعلى الأخير فإما أن نقول بحرمة العبادة على الحائض ذاتا أو تشريعا، وعلى كل فإما أن يقال بعلية الاجمالي أو كونه مقتضيا للموافقة القطعية، فهذه صور المسألة وسنتعرض لها مشروحا إن شاء الله، وبالجملة إن المرأة إذا علمت أولا بأنها إما تحيض في الثلاثة الأولى، أو الوسطى أو الأخيرة من شهر، ولم تغتسل في البين أصلا تعلم تفصيلا بانتقاض طهارتها في أيام آخر الشهر، وبه ينحل علمها الاجمالي بالحدث، أما في الأول أو الوسط فيجوز له التمسك باستصحاب الطهارة إلى القطع بالانتقاض، إذ المفروض انحلال العلم الاجمالي المانع عن جريانه، إما لعليته، وإما للزوم المخالفة العملية من التمسك به على القول بالاقتضاء، هذا بالنسبة إلى العلم الاجمالي بالمانع عن الصلاة وهو الحدث، وإما بالنسبة إلى حرمة العبادة على الحائض في أيام دمها، فلا ينحل علمها بالتفصيلي المتصور في المانع بالرجوع إلى الاستصحاب في جميع الأطراف وعدمه مبني على كون العبادة محرمة عليها ذاتا أو تشريعا، فإن كانت من الثاني يجوز الرجوع إليه حتى على علية العلم لوجوب الموافقة القطعية، فإن حرمة التشريع متعلقة بأمر قلبي جانحي، فلا يلزم من الاخذ بالأصل في أطرافها مخالفة عملية بالنسبة إليها فلا يمنعه العلم بها إجمالا، وأما لو كانت حرمة العبادة ذاتية فهي لما علمت بها إجمالا وتنجزت عليها فلا يسوغ لها الرجوع إلى الاستصحاب في شئ من الأطراف، لان العلم وإن قيل بأنه مقتضى لا علة، إنما لا ينافي الأصل النافي فيما لا يلزم منه محذور المخالفة القطعية، وأما في مثل المقام فيمتنع عن جريانه في الجميع، ولا يجوز إجرائه في بعض دون غيره لانتفاء المرجح، هذا كله فيما كان العلم سابقا ولم يغتسل أصلا، وأما إذا حدث العلم في الثلاثة الأخيرة من الشهر من دون غسل سابق، فهي تعلم ببطلان الصلاة منها قبل الغسل فيها تفصيلا، وأما حرمة العبادة عليها فهي لا تتنجز ولها الدخول فيها بعد الغسل رفعا للحدث القطعي، اللهم إلا أن يقال إنها لا تقطع بارتفاع الحدث عنها بالغسل في أيام تحتمل إنها أيام دمها، فلها استصحاب
(٣٨٠)