لا ظاهر له، فضلا عن المحصل، وبالجملة فلما لم يكن الضرر عنوانا للموضوعات، وقابلا للحمل عليها، فلا يمكن أن يشار إليها بجعله مرآة لها، وآلة للحاظها، فلا وجه لهذا الوجه أصلا، وعلى تقدير تسليم قابليته للحمل، فالأصل في العناوين المأخوذة في الخطابات، عدم كونها مرآة وآلة للإشارة إلى المصاديق، وليس في المقام ما يخرج عنه، فهذا الوجه لا يخلو عن إشكال ومحذور على أي تقدير، وما عن بعض أعاظم المعاصرين، من إنه عنوان ثانوي لعلة حصوله ومنشائه، لا وجه له ظاهرا، هذا مضافا إلى إن الضرر على تقدير كونه مما فيكون، يكون قابلا لان يشار به إلى الحكم، أو الفعل الضرري، ويحكي به عنهما، لاتحاده معها في الجملة، نظير عنوان العالم بالنسبة إلى زيد وغيره، فإنهما عنوانان لشئ واحد، أحدهما أولى، والاخر ثانوي، فلا وجه لحمل هذا العنوان الثانوي للحكم، أو العمل، على المرآتية، وجعله مشيرا به إلى شئ قابل لانطباقه عليه، مع إن الأصل في العناوين الواقعة في الخطاب، هو العنوانية لا المشيرية والمرآتية، ولا يعدل عنه إلا بقرينة معتبرة، فالحق إن هذا الوجه بعيد في الغاية، وأما ما ذكره الشيخ الأجل الأنصاري (قده)، فهو مستلزم للمجاز في الحذف، نظير قوله تعالى (واسئل القرية)، ولا داعي إلى الالتزام به، مع ثبوت وجه لا يلزم منه ذلك، فبقى الوجهان الآخران، وهما مشتركان في السلامة، عما يرد على الأولين، من منع عنوانية الضرر لأسبابه، ومنع مرآتيته لها، على تقدير التسليم، ومن لزوم الالتزام بالمجاز في الحذف من دون قرينة، والجاء إلى ذلك، إما سلامتهما عما ذكر، فلان الضرر بحقيقته منفي على كليهما، غاية الامر نفيه على المختار، بإثبات الحكم الدافع، أو نفيه إذا كان ضررا، وعلى الأخير بأثبات المقتضى للعدم، وهو تحريمه، ولا يخفى إن الضرر المنفي ليس على إطلاقه، سواء كان من قبل الشارع بتشريعه له، أم لا، وسواء كان باختيار العبد، أم لا، بل المنفي على المختار، هو الضرر الذي بيد الشارع رفعه، ونفيه برفع منشائه المجعول، أو اثبات ما ينفيه ووضعه، وعلى الوجه الأخير يكون المنفي منحصرا فيما ينتفي بالنهي، وبعبارة أخرى، ما يكون اختياريا وقابلا للتحريم، وهذا المقدار من التقييد، مما لا بد منه على أي تقدير، وإنما الفارق بينهما، إن الاخبار بالنفي غير مبتن على الادعاء والعناية على المختار، فإنه لما رفع الشارع ما يوجب الضرر من أحكامه وغيره، مما أمره بيده
(١٢٨)