تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٧٣٢
لما هو مقرر من أن ترك الحرام لابد وأن يتحقق في ضمن فعل من الأفعال *،
____________________
وهذا المعنى مما يقتضيه احتجاجهم عن الكعبي بوجوب ما لا يتم الواجب إلا به، إلا أن المستفاد من شرح الشرح كون ذلك توجيها في احتجاجه المتقدم الذي نقله السيد في المنية القاضي بكون فعل المباح عين ترك الحرام، وإنما وجهوه بذلك لوضوح بطلانه في الأنظار المستقيمة.
فلأجل تلك الاختلافات في تقرير هذه الشبهة قال بعض الأعلام: " والمنقول عنه مشتبه المقصود، فقد يقال: إن مراده أن كل ما هو مباح عند الجمهور فهو واجب عنده، وقد يقال: إن مراده أن كل ما كان مباحا بالذات فهو واجب بالعرض ".
وأشار إلى التقريرين أيضا في الزبدة بقوله: " المباح موجود إجماعا واستدلال الكعبي على وجوبه بأن ترك الحرام لا يتم إلا به أو هو هو مع مصادمته للإجماع مدخول " مفسرا لقوله: " هو هو " في الحاشية: بأن فعل المباح بعينه ترك الحرام، كإطباق الفم فإنه ترك للقذف.
وظني أن الصحيح من مذهبه على ما يشهد به التتبع هو دعوى العينية القاضية بالوجوب الذاتي، والصحيح من مستنده ما تقدم عن المنية وذكره المدقق أيضا، وما ذكر من الدليل الآخر فهو توجيه لهذا المستند تصحيحا له على حسب الظاهر، كما أن ما ذكر من إرادة الوجوب بالعرض تأويل في مذهبه جمعا بين دليله والإجماع على وجود المباح كما عرفت.
* وهذا وجه أخذه بعض الأعلام دليلا مستقلا على مذهب الكعبي، ولم نجد من يذكره في جملة احتجاجه أو كلامه المنقول عنه بل المنقول عنه، صريحا وتأويلا الوجهان المتقدمان، ولعله وهم أوقعه فيه كلام المصنف غفلة عن أنه ليس بصدد نقل الاحتجاج عن الكعبي، بل غرضه من هذا الكلام إيراد نقض على من جعل الأمر بالشيء نهيا عن الضد الخاص من جهة قاعدة الاستلزام، وقضية عدم جواز اختلاف المتلازمين في الحكم.
ومحصل مراده: أن المتشبثين بذلك الوجه هنا يلزمهم الالتزام بشبهة الكعبي لجريان دليلهم المذكور في عكس القضية أيضا، بتقرير أن فعل المباح مستلزم لترك الحرام وهو واجب ففعل المباح واجب، لأن مستلزم الواجب واجب.
(٧٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 717 718 729 730 731 732 733 735 736 738 740 ... » »»