تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٧٣١
لثبت قول الكعبي بانتفاء المباح *،
____________________
اتصاف كل من المتلازمين بحكم من الأحكام الخمسة المعروفة مضاد لما اتصف به الآخر لو صح وأثر لثبت قول الكعبي.
* وهذه شبهة معروفة عن أبي القاسم الكعبي وقد تقدم منا في بحث المقدمة ما يدفعها، واتفق الجمهور على بطلانها، وقد يعبر عنه بعكس عنوان المسألة وهو: أن النهي عن الشيء لا يستلزم الأمر بضده، ولازم مذهب الكعبي أنه قائل بالاستلزام.
واختلفت كلمتهم في تقريره وبيان مراده، فمنهم من يستفاد منه أنه قائل بوجوب المباح لذاته لكونه عين ترك الحرام وهو واجب لذاته، كما في المنية عند نقله احتجاج هذا القول بأن المباح ترك الحرام وترك الحرام واجب فالمباح واجب.
ويستفاد ذلك عن المدقق المحشي أيضا في قوله: وذكروا في تقرير شبهة الكعبي أنه ما من مباح إلا وهو ترك حرام، فإن السكوت ترك للقذف والسكون ترك للقتل، وترك الحرام واجب.
ومنهم من يستفاد منه - كما في مختصر الحاجبي وبعض شروحه - كونه قولا بوجوب المباح بالعرض الغير المنافي لإباحته بالذات، حتى أن العضدي جعله وجه جمع بين هذا القول وإجماعهم على وجود المباح، حيث قال - في عبارته المحكية -: و" نؤول الإجماع على ذات الفعل لا بالنظر إلى ما يستلزمه جمعا بين الأدلة ".
وذكر في شرح هذا الكلام: " أنه إشارة إلى جواب سؤال وارد على الكعبي، وتوجيه السؤال: أن الدليل الذي ذكره الكعبي على أن كل مباح واجب يقتضي كون أفعال المكلفين التي تعلق بها الأحكام أربعة، ضرورة كون المباح حينئذ واجبا وهو خلاف الإجماع، لأن الجمهور أجمعوا على أن الأفعال تنقسم إلى خمسة واجب ومندوب ومباح ومكروه ومحرم، فيكون الدليل المذكور باطلا.
وتقرير الجواب: أن الإجماع يحمل على أن الأفعال نظرا إلى ذاتها مع قطع النظر عما يستلزمها من كونها تحصل بها ترك الحرام تنقسم إلى الخمسة، فيكون الفعل المباح نظرا إلى ذاته لم يخرج عن كونه مباحا، وبالنظر إلى ما يستلزمه من كونه تحصل به ترك الحرام يكون واجبا، وإنما أول الإجماع على هذا ليكون جمعا بين الدليلين " انتهى.
(٧٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 716 717 718 729 730 731 732 733 735 736 738 ... » »»