تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٤٩٥
وأما غير السبب، فالأقرب عندي فيه قول المفصل. لنا: أنه ليس لصيغة الأمر دلالة على إيجابه بواحدة من الثلاث، وهو ظاهر.
____________________
* وقد سبق منا عند الكلام في تحرير موضع النزاع ما يكفيك في دفع هذا الكلام.
وإن شئت نزيدك هنا بيانا ونقول: هذا النزاع لا يمكن فرضه في دلالة الصيغة حتى يستدل على عدم الوجوب بعدم دلالتها بشيء من الثلاث:
أما أولا: فلعدم انحصار وجوب الواجب فيما ثبت بالدلالة اللفظية، فنفي دلالة الصيغة لا يوجب انتفاء الوجوب مطلقا فيكون الدليل أخص من المدعى.
وأما ثانيا: فلأن عدم كون وجوب المقدمة مدلولا مطابقيا ولا مدلولا تضمنيا للصيغة مما لا كلام لأحد فيه.
وأما كونه مدلولا التزاميا فلا ينبغي التأمل في عدمه أيضا إذ لا لزوم بينه وبين مدلول الصيغة مطابقة وهو الطلب الإلزامي المقرون بعدم الرضاء بالترك بشيء من معانيه حتى الغير البين منها وذلك لعدم استلزام كل واجب لأن يكون له مقدمة فمدلول الصيغة إنما هو طبيعة الوجوب الوارد بحسب متعلقه على قسمين ووجوب المقدمة على تقديره من لوزام أحد القسمين.
ومن البين أن لازم الأخص من شيء لا يعد لازما لذلك الشيء وإلا للزم أن يكون الأخص لازما للأعم وهو محال فلا يعقل في الصيغة دلالة عليه بشيء من الوجوه ضرورة عدم دلالة الأعم على الأخص.
ألا ترى أن أصحاب القول بكون الصيغة حقيقة في الوجوب يذعنون بدلالتها مع التجرد عن القرائن أو مع قطع النظر عنها عليه مطلقا حتى فيما لو صدرت عن الداني أو المساوي، ولا يجعل أحد منهم ولا غيرهم ممن لا يرتضي بهذا المذهب ترتب استحقاق الذم والعقاب على المخالفة مدلولا لها بحسب الوضع ولا العرف بشيء من أقسامه، وذلك لعدم كونه جزء من مدلولها المطابقي ولا لازما له بشيء من الوجوه، وإنما هو لازم لأحد أقسامه وهو الإلزام الصادر من العالي ولزومه غير بين لافتقار الانتقال إليه إلى النظر في وسط.
وظاهر أن اللوازم الغير البينة لا يلزم كونها مقصودة لقاصد ملزوماتها ولا سيما إذا كان اللزوم من جهة خصوصية المقام لا من جهة مدلول اللفظ بما هو مدلول، بل إنما هي لوازم
(٤٩٥)
مفاتيح البحث: السب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 485 486 487 491 492 495 496 501 502 503 508 ... » »»