تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٣٨٤

____________________
ويدفعه: إن المأخوذ في الحد تعليق الذم على الترك الذي هو مبدأ الاشتقاق في لفظ " التارك " وهو يفيد العلية في محله الذي هو المتروك بعينه دون غيره، فتعميمه بالنسبة إلى غيره خلاف ظاهر يعيب ارتكابه في التعاريف التي مبناها على الوضوح والظهور، فلذا لا يجوزون أخذ المجازات أو المشتركات فيها بلا قرينة التعيين، فيشترطون كون المعرف أجلى من المعرف.
والأولى أن يزاد على ما ذكر قولنا: " ولو من جهة غيره ".
ويمكن الذب عن البواقي: بأن الفرق بين ما يوجب تركه استحقاق الذم أو العقاب لذاته أو لعارض.
وظاهر الحد هو الأول واللازم في المذكورات هو الثاني، فلا يندرج أحدهما في الآخر.
ولا يرد النقض بمقدمة الواجب نظرا إلى أن مفاد القيد المذكور إنما لزوم الذم بالعارض، إذ المقدمة لذاتها لا يوجب تركها استحقاق ذم لأن ذلك إنما يصير بالعارض إذا أضيف الذم إلى ترك المقدمة، وأما إذا أضيف إلى غيره وهو ترك ذي المقدمة فهو ذاتي، والمقصود من القيد إفادة الثاني دون الأول كما لا يخفى.
ثم إنهم ذكروا أن الواجب بهذا المعنى يرادفه " الفرض " و" اللازم " و" المحتوم " خلافا للحنفية، حيث إنهم خصوا " الفرض " بما يثبت بدليل قطعي كالصلوات الخمس الثابتة بالتواتر، و" الواجب " ما ثبت بدليل ظني كالوتر ثبت بخبر الواحد العاص أبو زيد، وقالوا: إن " الفرض " التقدير ومنه قوله تعالى: ﴿فنصف ما فرضتم لهن﴾ (1) إلى قدرتم، فما كان دليله قطعيا علم أنه يقدر في الأزل علينا، وما ثبت بظني لم يعلم أنه مقدر فكأنه ساقط علينا فنخصه باسم الوجوب وهو السقوط.
قال السيد في المنية: وهذا الكلام لا يخفى على المتأمل ضعفه، فإن " الفرض " التقدير سواء كان طريق معرفته علميا أو ظنيا، كما أن الساقط " الواجب " من غير اعتبار طريق ثبوته، ولكن لا مشاحة في الاصطلاح.
ثم إن التحقيق - على ما تقدم في بحث صيغة " افعل " - أن الوجوب والإيجاب متغايران بالذات مفهوما ومصداقا، فإن الثاني تأثير والأول أثر أو تأثر، والأول من مقولة الفعل والثاني من مقولة الكيف والانفعال وهما متقابلان فكيف يتحدان بالذات، خلافا

(٣٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 376 377 378 379 381 384 386 389 390 392 396 ... » »»