تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٤٣٤

____________________
أحد فردي الواجب على هذا التقدير - بناء على ما حققناه - إذ لا ملازمة بين الإيجاب وترتب الاستحقاق، فإن الاقتضاء دائما على ما عليه بناء العقلاء في جميع الأعصار والأمصار ينوط بشأنية الحصول، بخلاف الأجر والثواب لإناطة الاستحقاق لهما دائما على فعلية الحصول، فالتوصل هو الداعي إلى الإيجاب أثر في مقام الاقتضاء في تعلق الوجوب بما من شأنه ترتب الحصول، وفي مقام الإعطاء لا تأثير له إلا في ترتب الأجر على ما حصل منه فعلا.
فيعود النزاع إلى أن حكمة التوصل إلى شيء كما أنها أوجبت إلى إيجاب المقدمة فهل توجب ترتب استحقاق الثواب على فعلها زيادة على ما يترتب على فعل ذيها أو لا؟ وعلى كل تقدير فهل توجب ترتب استحقاق العقاب على تركها زيادة على ما يترتب على ترك ذيها أو لا؟
فنقول: إن كان نزاعهم في الإمكان فالحق أنه لا دليل من عقل ولا نقل على العدم، وإن كان في الوقوع فلا دليل أيضا على شيء من الاستحقاقين عقلا ولا نقلا.
أما العقل: فلاستقلال عقولنا بأن العقاب عند ترك المقدمة المؤدي إلى ترك ذيها واحد، وهو الذي يترتب على ترك ذيها عند ترك المقدمة كما عليه المحقق السبزواري على ما حكي عنه، وكذلك الثواب عند الإتيان بهما معا فإنه واحد وهو الذي يترتب على فعل ذي المقدمة خاصة.
ألا ترى أن العبد التارك لاشتراء اللحم المأمور به لا يعاقب إلا على ترك الاشتراء، كما أنه لا يستحق المدح عند الإتيان به إلا على أصل الاشتراء دون مقدماته.
وأما النقل: فلفقد ما يصلح دليلا على استحقاق العقاب بترك المقدمات إلا ما تمسك به من إطلاق قوله تعالى ﴿ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم﴾ (١) وانتفاء ما يصلح دليلا على استحقاق الثواب إلا قوله تعالى: ﴿ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيط الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين﴾ (٢) ﴿ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون﴾ (3).
وجملة من الأخبار الدالة على ترتب الثواب على مقدمات بعض العبادات مثل ما ورد

(٤٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 409 415 417 420 427 434 437 439 440 442 444 ... » »»