تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٣١٠

____________________
وفيه أيضا تقرير على الباطل، وهو اعتقادهم الفاسد وقبحه ظاهر ".
وفي كلام بعض الفضلاء أيضا: " لا خفاء عند أولي الانظار المستقيمة أن تكاليف الشرع إنما تتعلق بما يصح تعلقها به في زعم أهل العرف، فالطبيعة من حيث هي إذا امتنع في الواقع تحققها في الخارج امتنع تعلق التكليف بها، لأنه تكليف بالممتنع وهو مما يقبح صدوره عن الحكيم العالم.
وزعم أهل العرف إمكان حصولها في ضمن الفرد لا يؤثر في رفع الاستحالة والقبح بعد علم الآمر بخلافه، وهل ذلك إلا كطلب إبصار الجسم حقيقة إذا زعم أهل العرف أنه مما يمكن إبصاره مع أنه قد تقرر في محله أنه محال.
نعم يجوز أن يكلف بإيجاد ما يزعم أن الطبيعة موجودة فيه، أو يزعم أنه إبصار للجسم، لكنه لا يرجع في الحقيقة إلى الأمر بالفرد لا بالطبيعة، وبإبصار اللون والشكل لا الجسم " (1).
ثم إنه يمكن تقرير الاستدلال على هذا القول بطريق يجامع القول بوجود الكلي الطبيعي أيضا، وذلك من وجوه ثلاث:
الأول: أن التكليف بالمسببات تكليف بأسبابها، لئلا يلزم طلب الحاصل إن توجه الخطاب حال وجود الأسباب، أو التكليف بغير المقدور إن توجه حال انعدامها.
الثاني: أن الأحكام الشرعية تابعة للحسن والقبح النفس الأمريين كما عليه العدلية، خلافا للأشاعرة المنكرين لذلك، وحسن الأشياء وقبحها إنما هما بالوجوه والاعتبارات، خلافا لمن توهم كونهما بالذات أو بالوصف اللازم كما عليه جماعة، فالصدق حسن لا لكونه كلاما مطابقا للواقع على طريق دخول التقييد وخروج القيد، ولا لأجل المطابقة للواقع، بل إذا كان نافعا، فيكون قبيحا إذا كان ضارا، وكذلك الكذب فيتصف بالحسن باعتبار النفع والقبح باعتبار الضرر.
وقضية ذلك تعلق الأحكام بالأفراد، لأنها التي تعرضها الوجوه والاعتبارات الموجبة لتشخص الماهيات بعروضها.
والثالث: أن الأحكام إنما تتعلق بأفعال المكلفين، فلذا عرف الحكم: " بخطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين " وهي ظاهرة فيها إذا صدرت من المكلف بلا واسطة، والتي

(1) الفصول: 108.
(٣١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 297 303 306 308 310 314 320 330 331 332 ... » »»