نقيض المدعى لكنه بعيد عن ظاهر اللفظ جدا لما فيه من تشويش النظم ولو سلم مساواته للاحتمال الأول فلا يكفي في إثبات الحكم ما لم يثبت ظهوره وهو ممنوع سلمنا لكن نقول ليس في نفي استحقاق الثواب دلالة على نفي صحة العمل بمعنى إسقاطه للقضاء كما هو محل البحث ولا عدم ترتبه تفضلا سلمنا لكن لا بد من تنزيل الرواية على وجه لا ينافي صحة عمل الموالي بغير دلالة مع المطابقة جمعا بينها وبين ما مر من الوجوه التي أشرنا إليها ويمكن أن يجاب أيضا بأن الطرق الغير المعتبرة معتبرة في حق الغافل المعتقد بكونها طرقا معتبرة لامتناع كونه حينئذ مكلفا بغير ذلك فعمل الموالي بما يعتقده من الطرق المعتبرة عند ولي الله مع كونها غير معتبرة عنده عمل بدلالة الولي كعمل غير الغافل بالطرق التي اعتبرها في حقه خاتمة في تعارض الأدلة فصل تعارض الدليلين عبارة عن تنافي مقتضاهما إما بالعقل كالوجوب والتحريم أو بالسمع كصحة العتق وبطلان الملكية ولا يقع التعارض بين الدليلين القطعيين أعني المفيدين للقطع بمؤداهما بالفعل سواء كانا عقليين أو سمعيين أو كان أحدهما عقليا و الاخر سمعيا لأدائه إلى الجمع بين المتنافيين بحسب المعتقد إلا أن يكون المعتقد جاهلا بالتنافي فيخرج الكلام بالنسبة إليه عن محل البحث إذ لا تعارض عنده حقيقة ولو فسر الدليل القطعي بالفعلي نظرا إلى أنه لا حكم للقطعي الشأني والدليل الظني بما يعم الفعلي و الشأني لوقوع التعويل على كل منهما في الجملة صح في تحرير المقام أن يقال الدليلان إن كانا قطعيين امتنع وقوع التعارض بينهما وإن كان أحدهما قطعيا والاخر ظنيا رجح القطعي وإن كانا ظنيين ففيه التفصيل الآتي والفاضل المعاصر بعد أن حكم باستحالة التعارض بين الدليلين القطعيين قال وكذلك لا يكون في قطعي و ظني لانتفاء الظن عند حصول القطع فالتعارض إنما يكون بين دليلين ظنيين ويشكل عليه بأن الظن كما لا يجامع القطع بالخلاف كذلك لا يجامع الظن به إلا أن يريد بالظن في الأول الفعلي وفي الثاني ما يعم الشأني لكن يتشوش معه نظم التحرير وكيف كان فمورد التعارض في الظنيين الظنيان الشأنيان والظني الفعلي والشأني ويعتبر في المتعارضين تنافي مقتضاهما بحسب ظرف الحكم فلو انتفي التنافي فيه لم يتعارضا كما لو كان مؤداهما حكمين ظاهريين غير متنافيين في الظاهر كتحريم إحدى الأختين على من ادعى زوجية الأخرى مع إنكارها وجواز تزويجها بغيره إذ لا منافاة بينهما بحسب الظاهر بعد حكم الشارع بالجمع بينهما فيه وإن تنافيا بحسب الواقع فيخرج عن محل البحث أيضا وأما تعارض الناسخ و المنسوخ القطعيين فليس من هذا الباب لان دلالة المنسوخ على الدوام ظنية وإن كانت بالنسبة إلى ثبوت الحكم في الجملة أو على تقدير عدم ورود الناسخ قطعية وأما الحكم المقطوع بدوامه فيمتنع طريان النسخ عليه إلا إذا كان القطع جهلا فيكشف بورود الناسخ خلافه فيخرج عن محل الفرض وأما القطعيان بالقوة أعني ما من شأنهما إفادة القطع ولو مع قطع النظر عن معارضة الاخر فيمكن وقوع التعارض بينهما كما نبهنا عليه في دفع شبهة الجبرية و حكم هذا التعارض أن يلاحظ أحدهما مع الاخر فإن سقطا عن إفادة القطع سقط اعتبارهما في الموارد التي يطلب فيها القطع وإن سقط أحدهما عن إفادته فقط تعين التعويل على الاخر ومما قررنا يظهر الكلام في تعارض الدليل القطعي مع الظني وأما الدليلان الظنيان ويعبر عنهما بالامارتين فإن اعتبرا ظنيين بالفعل أو بالنسبة إلى الاخر امتنع اعتبار المعارضة بينهما كما مر في القطعيين وإن اعتبرا ظنيين شأنيين أو أحدهما أمكن وقوع المعارضة بينهما و مورد تعارضهما حينئذ إما موضوع الحكم الشرعي أو نفس الحكم الشرعي إذ لا عرض لنا بالبحث عما لا تعلق له بالشرع أما الأول فلا نزاع في وقوعه على ما حكاه بعضهم وتعارضهما فيه قد يكون من حيث تعيين المفهوم والامارتان المتعارضتان فيه قد يكونان رواية عن المعصوم وسيأتي الكلام فيها وقد تكونان نقلا عن اللغة كقول بعض اللغويين بأن الصعيد وجه الأرض وقول آخرين بأنه التراب و حينئذ فإن كان لأحدهما مرجح تعين الاخذ به وقد سبق وجوه الترجيح في محله وإلا فإن كان بينهما عموم مطلق كما في المثال تعين الاخذ بالأخص إن لم يكن الامتثال به منوطا بفعل الباقي أو أعملنا أصل العدم في ذلك وإلا تعين الاخذ بالأعم تحصيلا للبراءة وإن كان بينهما عموم من وجه فالأحوط الاخذ بالقدر المشترك مع الامكان و مع عدمه فالتخيير وإن كان الامتثال به منوطا بفعل الباقي فالوجه التخيير أيضا وإن كان بينهما التباين فالظاهر التخيير أيضا ويحتمل فيه وفي سابقه وجوب الاتيان بالجميع مع عدم مانعية الزيادة تحصيلا للبراءة اليقينية وقد يكون من حيث تعيين المصداق كإخبار عدلين عن القبلة بجهتين متخالفين وحينئذ فإن كان لأحدهما مرجح معتبر فلا كلام وإلا فقضية الأصل وجوب الاتيان بما يعلم معه بالبراءة فيصلي إلى الجهتين ما لم يتضيق الوقت فيتخير لان الاتيان بما يحتمل البراءة أولى من الاتيان بما يقطع معه بعدمها نعم لو كانت الامارتان رواية عنهم عليهم السلام اتجه الحكم بالتخيير مع التكافؤ مطلقا كما سيأتي وقد يقع التعارض في البينات وبيانه موكول إلى كتب الفقه وأما الثاني أعني تعارضهما في نفس الحكم الشرعي فقد اختلفوا في وقوعه شرعا بعد أن أطبقوا على إمكانه عقلا فأثبته جماعة ومنعه آخرون والظاهر أن النزاع في تعارضهما من حيث كونهما أمارتين واقعتين فيرجع كلام المانع إلى منع كونهما أو إحداهما أمارة واقعية وأما تعارض ما هو أمارة عند المجتهد فلا نزاع في وقوعه كما صرح به بعضهم وقد يظن
(٤٣٥)