هنا إنما هو في تعيين المنفي في الخطاب المتضمن لنفي المطلق و بيان كونه هو المطلق لا المقيد وإن ورد منفيا بخطاب آخر فلا يخرج عن محل البحث لا في بقاء النكرة المنفية على عمومها وعدم تخصيصها بالمقيد فيلزم الخروج عنه والفرق بين المقامين بين ولا حاجة إلى ما تكلفه بعضهم من تخصيص التمثيل بصورة لا يقصد فيها الاستغراق كما في اشتر اللحم مع أن هذا التكلف كما ترى غير مفيد لأنه إن أراد بالنكرة فردا لا بشرط كما هو الظاهر من التمثيل لزم من تعلق النفي بها نفي جميع مصاديقها فيلزم الاستغراق ويعود الاشكال وإن أراد بها فردا بشرط لا فهذا على بعده مما يتعين فيه حمل المطلق على المقيد كما مر في الصورة السابقة لاشتراكهما في منشأ الحمل فلا يصح الحكم بعدم الحمل ويبطل دعوى الاتفاق على العمل بهما معا كما وقع في كلامه لأنه على تقدير تسليمه إنما يجري في الموارد المتداولة كما يظهر من التمثيل وعليه ينزل إطلاق كلامهم دون الفروض النادرة على أن من قال بحجية مفهوم الوصف أو القيد قال بجواز تخصيص العام به لا يلتزم هنا بالعمل بعموم العام مطلقا فكيف يتم دعوى الاتفاق عليه هذا ولا فرق فيما ذكرناه بين النواهي التحريمية والتنزيهية لاشتراك المستند وكذا ما دل على الإباحة فإنه لا يحمل المطلق منه على المقيد إذ لا موجب له وكذا إذا كان الحكمان وضعيين أو كان أحدهما وضعيا والاخر تكليفيا مطلقا كما لو قال الكلب نجس ثم قال السلوقي نجس أو قال اغسل ما يلاقيه إلا إذا تنافيا نحو أعتق رقبة لا تملك رقبة كافرة فيتعين تقييد الرقبة في العتق بالمؤمنة إذ لا عتق إلا في ملك نعم على القول بحجية مفهوم الوصف أو القيد يقع التعارض بين مفهوم المقيد ومنطوق العام أو المطلق حيث يتنافيان فيحتاج في الترجيح إلى مرجح وقد مر الكلام فيه في مبحث التخصيص تنبيه التحقيق أن التقييد لا يوجب التجوز في المطلق وإن كان على خلاف الأصل لان اسم الجنس على ما حققناه سابقا موضوع للطبيعة من حيث هي ومفاد التنوين الداخلة عليه إن كان منونا فرد منها لا على التعيين أي لا باعتبار التعيين لا باعتبار عدم التعيين فينافي اعتبار التعيين فيلزم عند اعتباره الخروج عن الوضع وحينئذ فإذا اعتبر معه تعيين فرد مخصوص أو وصف مخصوص أو عدم التعيين وأريد ذلك من غير لفظه كان الاستعمال على الحقيقة لان اللفظ لم يستعمل حينئذ إلا في معناه الأصلي كما في قولك جاءني رجل وأكرم رجلا عالما ولا وجود لانسان مبهم نعم لو أريد التعيين أو عدمه من لفظ الجنس أو التنوين أو المجموع كان مجازا قطعا لان اللفظ لم يوضع له لكن المتداول في الاستعمال خلافه كما نبهنا عليه سابقا وكذا الكلام في المعرف بلام العهد الذهني وما جرى مجراه ثم لا فرق في ذلك بين مقارنة المقيد للمطلق وبين عدمها غاية ما في الباب أنه يلزم على الثاني تأخير بيان بعض المطلوب فيظهر منه أن المطلق لم يكن مطلوبا بإطلاقه كما في صورة مقارنة المقيد واعلم أن في المقام مباحث أغناني عن التعرض لذكرها سبق الإشارة إليها منها أن شمول المطلق لافراده ليس كشمول العام لافراده فإن شمول العام لافراده بالوضع وشمول المطلق لها بالعقل ومنها أن المطلق ينصرف عند الاطلاق إلى الافراد المتعارفة في الفردية بحسب مقام الحكم وإن كانت نادرة الوجود بخلاف ما يقتضي العموم وضعا فإنه يتناول الجميع ما لم يقم قرينة على خلافه ومنها أن المطلق كما يأتي للعموم البدلي كذلك يأتي للعموم الشمولي بقرينة مقام أو شهادة حال كقوله تعالى وأنزلنا من السماء ماء طهورا وقوله تعالى علمت نفس ما أحضرت وأحل الله البيع وحرم الربا إذا جعل اللام فيهما لتعريف الجنس من حيث هي وفي إخراج هذا النوع من باب المطلق وإدخاله في باب العام وجه قد نبهنا عليه سابقا القول في المجمل والمبين فصل المجمل ما دل على معنى أو حكم ولم يتضح دلالته فما بمنزلة الجنس ويخرج بقولنا دل على معنى ما لا دلالة عليه كالمهمل وما يدل بدلالة غير معتبرة كالغلط المحفوف بالقرينة فإن الظاهر من الدلالة هي الدلالة المعبرة وقولنا أو حكم عطف على معنى وبه يدخل مجملات تقرير المعصوم وفعله فإنه يدل على حكم الفعل شرعا وإن لم يقصد به الدلالة عليه ليكون معنى وإنما قيدنا الدلالة بأحد القيدين احترازا عن الاجمال في الدلالة العقلية الصرفة كدلالة صوت على كون الصائت إنسانا أو حمارا فإنه لا يسمى مجملا في الاصطلاح وقولنا لم يتضح دلالته احتراز عن المبين وقد يجد بما لم يتضح دلالته فيخرج المبين وهو بين وكذا المهمل لان ظاهره تحقق الدلالة وانتفاء الوضوح لا يقال قد سبق أن لمهملات الألفاظ دلالة على أنفسها ولو بضميمة القرائن والمراد بها هنا ما يتناول ذلك وإلا لانتقض بمجملات المجاز وحينئذ فلا يتجه الاحتراز عنها بالقيد المذكور فنقول المراد إخراج المهملات بالنسبة إلى ما لا دلالة لها عليه باعتبار كونه معنى وإن دلت عليه لا بهذا الاعتبار كدلالتها على لافظها وأما بالنسبة إلى ما يدل عليه بالاعتبار المذكور فإنما يخرج منها عنه ما اتضحت دلالته لما اعتبر فيه من عدم وضوح الدلالة ويدخل ما يشتمل منها على عدم وضوح الدلالة بالنسبة إلى مدلوله ولا بأس به كما لو قيل زيد فاعل وتردد بين لفظين أو ألفاظ فإن المراد بالدلالة ما يعم الوضعية وغيرها ولولا ذلك لما تم تقسيم المجمل إلى القول والفعل كما فعله بعضهم ولك إن تنزل الحد على ما سبق ذكره في حد المطلق وتجعل التقسيم مبنيا على التوسع في المقسم وقد يعرف أيضا بأنه اللفظ الذي لا يفهم منه عند الاطلاق شئ ونوقض طردا بالمهمل وبمثل لفظ الممتنع و المستحيل وعكسا بمثل قوله وآتوا حقه يوم حصاده فإنه يفهم منه عند الاطلاق شئ هو المعنى الاجمالي ويمكن دفع الأول بأن المراد باللفظ اللفظ الموضوع بقرينة أن البحث عن أحوال ألفاظ الكتاب و السنة والثاني بأن المراد بالشئ مطلق المدلول فيتناول المفهوم الذهني أيضا والثالث بأن الظاهر من الشئ الشئ المعين أو أنه
(٢٢٣)