المستعمل في المقيد مجازا والعام واسم الجنس مفرد أو مركبا إذا اختصت بالدلالة على بعض ما دل عليه المطلق واعتبرت بالقياس إليه كما لو قال أكرم عالما ثم قال أكرم زيدا العالم أو هذا الرجل العالم أو الفقهاء أو الفقيه أو العلماء الفقهاء أو العالم الفقيه ونحو ذلك وهذا التعميم هو المناسب لما يقتضيه المقام فإن الظاهر أن المباحث اللاحقة للمقيد عندهم لاحقة للجميع ويخرج عنه المذكورات حيث لا يكون لها مطلق أو لا تعتبر بالنسبة إليه فإنها حينئذ لا تسمى مقيدا في الاصطلاح وقد يعرف بأنه ما أخرج من شياع فيختص بالمطلق المقيد كرقبة مؤمنة فإن الرقبة وإن كانت باعتبار نفسها مطلقة من حيث شيوعها في حصص جنسها لكنها باعتبار تقييدها بوصف المؤمنة مقيدة لخروجها بهذا الاعتبار عن الشيوع واختصاصها بالبعض وربما يتناول المطلق الذي أخرج من شياعه بالوضع أيضا كالانسان إذا جعل علما لرجل إلا أن يقال المراد ما أخرج بالتقييد لأنه المتبادر من إطلاقه هنا فلا يتناول ذلك وقد نص صاحب المعالم على أن هذا هو الاصطلاح الشائع في المقيد وهو غير بعيد إلا أن الأظهر هو المعنى الذي ذكرناه على ما يساعد عليه فحاوي مباحثهم و إطلاق المقيد فيه على غير المطلق المقيد كالعلم إنما هو باعتبار تحقق المطلق مقيدا فيه أو باعتبار الحكم وعرفه العضدي بما دل لا على شائع في جنسه قيل وإنما أخر اعتبار النفي عن الدلالة لئلا ينتقض بالمهمل ويضعفه أن المهمل لا جنس له كما يقتضيه لفظ الحد في متفاهم أهل الاستعمال وهذا التعريف يتناول اسم الجنس مطلقا لعدم دلالته على حصة شائعة وكذلك ألفاظ العموم الشمولي ومطلق المعهود الخارجي والمطلق المقيد ولا يدخل فيه العلم الشخصي مطلقا إذا أريد كون الجنس مدلولا عليه في المقيد بالمطابقة وتدخل إن أريد ما يعم الدلالة التضمنية مطلقا ومثله العام الذي يدل على جنسه بالتضمن كالنساء والموصولات والتحقيق أن هذا المعنى أيضا غير مناسب للمقام كما لا يخفى فصل إذا ورد مطلق ومقيد فإما أن يكون مؤداهما حكمين تكليفيين متحدين نوعا أو مختلفين أو وضعيين كذلك أو يكون أحدهما تكليفيا والاخر وضعيا فإن كان الأول فإن تعدد مورد الحكم فلا حمل سواء كانا مرسلين أو معللين مع اتحاد الموجب واختلافه أو كان أحدهما مرسلا والاخر معللا نحو أكرم هاشميا جالس هاشميا عالما إذ وقوع التقييد في أحدهما لا يوجب وقوعه في الاخر لا عقلا ولا عرفا وإن قدر بين إطلاق أحدهما وتقييد الاخر منافاة ويظهر الثمرة فيما لو نسخ عنه الامر بالمقيد أو عصي فيه على ما مر تحقيقه في مسألة الضد وكذا إذا اتحد مورد الحكم مع تعدد الموجب نحو إن ظاهرت فأعتق رقبة وإن أفطرت فأعتق رقبة مؤمنة لما مر وخالف في ذلك الشافعي فالتزم فيه بحمل المطلق على المقيد وحمله أكثر الشافعية على ما إذا كان هناك جامع فيكون الحمل بالقياس وحكى بعضهم عنه المصير إلى الحمل وإن لم يكن فيه جامع لان كلام الله واحد يفسر بعضه بعضا وضعف كل من القولين على أصولنا ظاهر لا سيما الأخير وأما على أصولهم فالقول الأول متجه لكن قد وافقنا على منعه بعض أهل الخلاف و احتج عليه بأنه لو جاز لكان نسخا للحكم الشرعي وهو التخيير الثابت من الاطلاق بالقياس وأنه غير جائز وأورد عليه أولا بالنقض بالتخصيص فإن هذا البعض قد أجاز تخصيص العام بالقياس فيلزمه أن يكون القياس ناسخا للحكم الشرعي وهو العموم وهذا النقض إنما يرد لو أجاز هذا القائل تخصيص العام بالقياس على أصل متأخر الورود عن العام وأما لو خصه بالمتقدم فلا ورود له عليه إذ لم يثبت عمومه حينئذ لمقارنة القياس معه ومنه يظهر بطلان إطلاقه المنع في المقام أيضا وثانيا بأن مفاد الامر بالمطلق ليس الامر بمقيداته على التخيير وإنما مفاد الامر بالامر الكلي سواء فسر المطلق بالماهية من حيث هي أو بالحصة الشائعة أما على الأول فظاهر وأما على الثاني فلان الحصة الشائعة أيضا كلي لصدقه على حصص كثيرة نعم لما كان مأمورا بإيجاد الطبيعة وهي لا يتحقق إلا في ضمن الفرد وجبت الافراد تخييرا من باب المقدمة ويضعف هذا الوجه ما حققناه سابقا من أن مورد الطلب إنما هو الامر الخارجي من الوجود الخارجي أو الماهية الخارجية وهما شخصيان وأن مدلول النكرة جزئي مردد لا كلي فيرجع التكليف بهذا الاعتبار ولو بضميمة الحكمة إلى التخيير وإن رجع باعتبار الطبيعة المطلوب إيجادها إلى التكليف التعييني نعم يتجه عليه أنا لا نسلم أن النسخ عبارة عن مطلق رفع الحكم الثابت ولو في الظاهر وتحقيق الكلام فيه يأتي في بحث النسخ إن شاء الله وإن اتحد مورد الحكم واتحد الموجب فإن كانا أمرا فقد أطبقوا فيه على وجوب حمل المطلق على المقيد بمعنى تعين العمل بالمقيد بعد وروده واشترط فيه بعضهم كالسيد العميد أن يعلم وحدة التكليف ولا حاجة إليه لان الكلام فيما يقتضيه المطلق والمقيد بالنظر إلى ذاتهما ولا ريب أن الظاهر منهما بحسب العرف وحدة التكليف نعم لو قام دليل في مقام على تعدد التكليف فلا حمل إذ لا موجب له كما لو تعدد المورد وينبغي تنزيل إطلاق كلام الآخرين على ذلك ثم اختلفوا في وجه الحمل فالأكثرون على أن المقيد مبين للمراد بالمطلق سواء تقارنا أو تقدم أحدهما على الاخر و ذهب قوم إلى أن المقيد إذا تأخر كان ناسخا للمطلق وهذا النزاع يحتمل أن يكون لفظيا ويحتمل أن يكون معنويا وتحقيقه أن لقول القائل إن ظاهرت فأعتق رقبة شمولا من حيث الافراد وشمولا من حيث الأزمان فإذا تعقبه قوله إن ظاهرت فأعتق رقبة مؤمنة احتمل أن يكون رافعا لشموله الافرادي فيكون تقييدا ولشموله الازماني فيكون نسخا والنزاع على هذا معنوي أو نقول لا كلام في أن الثاني إنما يرفع الشمول الافرادي حقيقة وإنما الكلام في أنه هل يسمى نسخا نظرا إلى رفعه للحكم
(٢١٩)