خطاب أريد به غير ما وضع له من غير دلالة.
والذي يدل على ذلك أنه لا يحسن أن يقول الحكيم منا لغيره: (افعل كذا) وهو يريد التهديد والوعيد، أو (اقتل زيدا) وهو يريد اضربه الضرب الشديد الذي جرت العادة بان يسمى قتلا مجازا، ولا أن يقول: (رأيت حمارا) وهو يريد رجلا بليدا، من غير دلالة تدل على ذلك، أو اضطرار إلى قصده، ومن فعل ذلك، كان عندهم سفيها مذموما، وبهذا المعنى بانت الحقيقة من غيرها، لان الحقيقة تستعمل بلا دليل، والمجاز لا بد معه من دليل. وليس تأخير بيان المجمل جاريا هذا المجرى، لان المخاطب بالمجمل ما أرد به إلا ما هو فيه حقيقة، ولم يعدل عما وضع له، ألا ترى أن قوله - تعالى -: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم) إذا أراد به قدرا مخصوصا، فلم يرد إلا ما اللفظ بحقيقته موضوع له، وكذلك إذا قال: (عندي شئ) فإنما استعمل اللفظ الموضوع في اللغة للاجمال فيما وضعوه له، وليس كذلك مستعمل لفظ العموم وهو يريد الخصوص، لأنه