يكون الجواب عنها بذكر بعض العقلاء جاريا مجرى الجواب بذكر بعض البهائم. وأكدوا هذه الطريقة بأن قالوا: إنما عدلوا عن الاستفهام عن كل شخص باللفظ الموضوع له، حتى يقولوا: أزيد عندك؟ أفلان عندك؟ ويعدوا كل عاقل لاستطالة ذلك، فاختصروا بالعدول إلى لفظة من، فيجب أن تقوم في الغرض مقام الاستفهام عن كل عاقل باسمه، وقالوا في عموم لفظة ما مثل ذلك.
وثانيها أن القائل إذا قال: (من دخل داري ضربته) حسن أن يستثني كل عاقل من هذه الجملة، ومن شأن الاستثناء أن يخرج من الكلام ما لولاه لوجب دخوله تحته بدلالة قبح استثناء البهائم من هذه الجملة، لما لم يجب دخولها فيه.
وثالثها أن الاستغراق معنى معقول لأهل اللغة، ومما تدعوهم الدواعي إلى الاخبار عنه، فلا بد أن يضعوا له عبارة تنبئ عنه، كما فعلوا ذلك في كل شئ عقلوه من المعاني، ودعتهم الدواعي إلى الاخبار عنه، وإذا وجب ان يضعوا عبارة، فلا شئ من الألفاظ بذلك