فإن قيل: وجه حسن الاستفهام في ألفاظ العموم تجويز المخاطب أن يريد مخاطبه الخصوص على وجه المجاز.
قلنا: هذا يقتضي حسن الاستفهام في كل خطاب، عن كل حقيقة، لان هذه العلة موجودة، وقد علمنا اختصاص حسن الاستفهام بموضع دون غيره، فعلمنا أن علته خاصة غير عامة.
وبعد، فإن المخاطب إذا كان حكيما، وخاطب بالمجاز، فلا بد من أن يدل من يخاطبه على أنه عادل عن الحقيقة، وهذان الوجهان يسقطان قولهم. أن وجه حسن الاستفهام أن السامع يجوز أن يكون مخاطبه أراد المجاز، ودل عليه بدلالة خفيت على السامع.
فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون الاستفهام إنما يحسن مع اقتران اللفظ، لا مع إطلاقه.
قلنا: اللفظ الوارد لا يخلو من اقسام ثلاثة: إن أن يرد مطلقا، أو مقترنا بما يقتضي العموم، أو يقترن بما يقتضي الخصوص، ومع الوجهين الآخرين لا يحسن الاستفهام، لحصول العلم بعموم أو خصوص، فثبت أنه إنما يحسن مع الاطلاق.
فإن قيل: الاستفهام يحسن على أحد وجهين: إما أن يكون