أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٩ - الصفحة ١٤٥
وتقدم الكلام عليه هناك.
وتقدم للشيخ رحمه الله تعالى علينا وعليه بيان معنى * (مآ أغنى عنه ماله وما كسب) *، عند قوله تعالى: * (من ورآئهم جهنم ولا يغنى عنهم ما كسبوا شيئا ولا ما اتخذوا من دون الله أوليآء ولهم عذاب عظيم) *.
وساق كل النصوص في هذا المعنى بتمامها.
تنبيه في هذه الآية سؤالان هما:
أولا: لقد كان صلى الله عليه وسلم مع قومه في مكة ملاطفا حليما، فكيف جابه عمه بهذا الدعاء: * (تبت يدآ أبى لهب) *؟ والجواب: أنه كان يلاطفهم ما دام يطمع في إسلامهم، فلما يئس من ذلك، كان هذا الدعاء في محله، كما وقع من إبراهيم عليه السلام، كان يلاطف إياه * (ياأبت لا تعبد الشيطان) *. * (ياأبت إنى قد جآءنى من العلم ما لم يأتك فاتبعنى أهدك صراطا سويا) *، فلما يئس منه تبرأ منه كما قال تعالى: * (فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم) *.
والسؤال الثاني: وهو مجيء قوله تعالى: * (وتب) *، بعد قوله: * (تبت يدآ أبى لهب) *، مع أنها كافية سواء كانت إنشاء للدعاء عليه أو إخبارا بوقوع ذلك منه.
والجواب، والله تعالى أعلم: أن الأول لما كان محتملا الخبر، وقد يمحو الله ما يشاء ويثبت، أو إنشاء وقد لا ينفذ كقوله: * (قتل الإنسان مآ أكفره) *، أو يحمل على الذم فقط، والتقبيح فجاء (وتب) لبيان أنه واقع به لا محالة، وأنه ممن حقت عليهم كلمات ربك لييأس صلى الله عليه وسلم، والمسلمون من إسلامه. وتنقطع الملاطفة معه، والله تعالى أعلم.
وقد وقع ما أخبر الله به، فهو من إعجاز القرآن أن وقع ما أخبر به، كما أخبر ولم يتخلف.
* (وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا) *، وقوله: * (كذلك حقت
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»