أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٩ - الصفحة ١٤٣
((سورة المسد)) * (تبت يدآ أبى لهب وتب * مآ أغنى عنه ماله وما كسب * سيصلى نارا ذات لهب * وامرأته حمالة الحطب * فى جيدها حبل من مسد) * * (تبت يدآ أبى لهب وتب) *. التب: القطع.
ومن المادة: بت بتقديم الباء، فهي تدور على معنى القطع، كما يفيده فقه اللغة في دوران المادة على معنى واحد.
وقال: التب، والتبب، والتباب، والتبيب، والتتبيب: النقص والخسار، إلى أن قال: وتبت يداه: ضلتا وخسرتا.
وقال الفخر الرازي: التبات: الهلاك، ونظيره قوله تعالى: * (وما كيد فرعون إلا فى تباب) *، أي في هلاك.
وذلك لأن أبا لهب أهلك نفسه بفساد اعتقاده وسوء فعاله، كما جاء في السنة قول الأعرابي: هلكت وأهلكت: أي بوقاعه أهله في رمضان، وجاء قوله تعالى: * (فما أغنت عنهم ءالهتهم التى يدعون من دون الله من شىء لما جآء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب) *.
فقالوا: غير خسران، والخسران يؤدي إلى الهلاك، والقطع.
كما جاء في معناه في قصة صالح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام. قوله تعالى: * (فمن ينصرنى من الله إن عصيته فما تزيدوننى غير تخسير) *، فظهر من هذا كله أن معنى: تبت يدا أبي لهب، دائر بين معنى القطع والهلاك والخسران.
أما قطعها فلم يقدر عليه قطع يديه قبل موته.
وأما الهلاك والخسران: فقد هلك بالغدة.
وأما الخسران: فما أشد خسرانه بعد هذا الحكم عليه من الله تعالى.
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»