أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٩ - الصفحة ١٤٢
بما هو قوام أمر الدين، من الجمع بين الطاعة والاحتراز من المعصية، وليكون أمره بذلك مع عصمته لطفا لأمته، ولأن الاستغفار من التواضع وهضم النفس فهو عبادة في نفسه.
وفي هذا لفت نظر لأصحاب الأذكار والأوراد الذين يحرصون على دوام ذكر الله تعالى، حيث هذا كان من أكثر ما يداوم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم في أذكار الصباح والمساء دون الملازمة على ذكر اسم من أسماء الله تعالى وحده، منفردا مما لم يرد به نص صحيح ولا صريح.
ولا شك أن الخير كل الخير في الاتباع لا في الابتداع، وأي خير أعظم مما اختاره الله لنبيه صلى الله عليه وسلم في آخر حياته، ويأمره به، ويلازم هو عليه.
وقلنا في آخر حياته: لأنه صلى الله عليه وسلم توفي بعدها بمدة يسيرة.
وفي هذه الآية دلالة الإيماء، كما قالوا: ودلالة الالتزام كما جاء عن ابن عباس في قصة عمر رضي الله عنه مع كبار المهاجرين والأنصار، حينما كان يسمح له بالجلوس معهم، ويرى في وجوههم، وسألوه وقالوا:
إن لنا أولادا في سنه، فقال: إنه من حيث علمتم.
وفي يوم اجتمعوا عنده فدعاه عمر، قال ابن عباس: فعلمت أنه ما دعاني إلا لأمر، فسألهم عن قوله تعالى: * (إذا جآء نصر الله والفتح) *، السورة.
فقالوا: إنها بشرى بالفتح وبالنصر، فقال: ما تقول أنت يا ابن عباس؟
قال: فقلت، لا والله، إنها نعت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بين أظهرنا.
فقال عمر: وأنا لا أعرف فيها إلا كما قلت، أي أنه صلى الله عليه وسلم جاء لمهمة، وقد تمت بمجيء النصر والفتح والدخول في الدين أفواجا.
وعليه يكون قد أدى الأمانة وبلغ الرسالة. فعليه أن يتأهب لملاقاة ربه ليلقى جزاء عمله، وهو مأخذ في غاية الدقة، وبيان لقول علي رضي الله عنه: أو فهم أعطاه الله من شاء في كتاب الله.
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»