وكذلك فإن الحاجة إلى الولد بنفيها معنى الصمدية المتقدم ذكره، ولو كان له والد لكان الوالد أسبق وأحق، تعالى الله عن ذلك.
وقد يقال: من جانب الممانعة العقلية لو افترض على حد قوله: * (قل إن كان للرحمان ولد فأنا أول العابدين) *.
فنقول على هذا الافتراض: لو كان له ولد فما مبدأ وجود هذا الولد وما مصيره؟ فإن كان حادثا فمتى حدوثه؟ وإن كان قديما تعدد القدم، وهذا ممنوع.
ثم إن كان باقيا تعدد البقاء، وإن كان منتهيا فمتى انتهاؤه؟
وإذا كان مآله إلى الانتهاء فما الحاجة إلى إيجاده مع عدم الحاجة إليه، فانتفى اتخاذ الولد عقلا ونقلا، كما انتفت الولادة كذلك عقلا ونقلا.
وقد أورد بعض المفسرين سؤالا في هذه الآية، وهو لماذا قدم نفي الولد على نفي الولادة؟ مع أن الأصل في المشاهد أن يولد ثم يلد؟
وأجاب بأنه من تقديم الأهم لأنه رد على النصارى في قولهم: عيسى ابن الله، وعلى اليهود في قولهم: عزيز ابن الله، وعلى قول المشركين: الملائكة بنات الله، ولأنه لم يدع أحد أنه سبحانه مولود لأحد، فكانت دعواهم الولد لله فرية عظمى. ا ه.
كما قال تعالى: * (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا) *.
وقوله: * (وقالوا اتخذ الرحمان ولدا * لقد جئتم شيئا إدا * تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الا رض وتخر الجبال هدا * أن دعوا للرحمان ولدا) *.
فلشفاعة هذه الفرية قدم ذكرها، ثم الرد على عدم إمكانها بقوله: * (وما ينبغى للرحمان أن يتخذ ولدا * إن كل من فى السماوات والا رض إلا آتى الرحمان عبدا) *.
وقد قدمنا دليل المنع عقلا ونقلا.