أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٣٦٤
فالفزع من صعقة يوم ينفخ في الصور عام لجميع من في السماوات ومن في الأرض، ولكن استثنى الله من شاء، ثم بين تعالى هؤلاء المستثنين ومن يبقى في الفزع، فبين الآمنين وهم من جاء بالحسنة، والآخرون من جاء بالسيئة.
* (عليها تسعة عشر * وما جعلنآ أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين ءامنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين فى قلوبهم مرض والكافرون ماذآ أراد الله بهاذا مثلا كذلك يضل الله من يشآء ويهدى من يشآء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هى إلا ذكرى للبشر * كلا والقمر * واليل إذ أدبر * والصبح إذآ أسفر * إنها لإحدى الكبر * نذيرا للبشر * لمن شآء منكم أن يتقدم أو يتأخر * كل نفس بما كسبت رهينة * إلا أصحاب اليمين * فى جنات يتسآءلون * عن المجرمين * ما سلككم فى سقر * قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين * وكنا نخوض مع الخآئضين * وكنا نكذب بيوم الدين * حتى أتانا اليقين * فما تنفعهم شفاعة الشافعين * فما لهم عن التذكرة معرضين * كأنهم حمر مستنفرة * فرت من قسورة * بل يريد كل امرىء منهم أن يؤتى صحفا منشرة * كلا بل لا يخافون الا خرة * كلا إنه تذكرة * فمن شآء ذكره * وما يذكرون إلا أن يشآء الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة) * قوله تعالى: * (عليها تسعة عشر وما جعلنآ أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين ءامنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين فى قلوبهم مرض والكافرون ماذآ أراد الله بهاذا مثلا كذلك يضل الله من يشآء ويهدى من يشآء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هى إلا ذكرى للبشر) *. في قوله تعالى: * (وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا) * حكى القرطبي في معنى الفتنة هنا معنيين:
الأول: التحريق كما في قوله: * (إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات) *.
والثاني: الابتلاء. وقد تقدم للشيخ مرارا في كتابه ودروسه، أن أصل الفتنة الاختبار. تقول: اختبرت الذهب إذا أدخلته النار لتعرف زيفه من خالصه.
ولكن السياق يدل على الثاني، وهو الاختبار والابتلاء لقوله تعالى:
* (وليقول الذين فى قلوبهم مرض والكافرون ماذآ أراد الله بهاذا مثلا) *.
وقوله: * (وما يعلم جنود ربك إلا هو) * أي عددهم، فلو كان المراد التحريق والوعيد بالنار، لما كان مجال لتساؤل الذين في قلوبهم مرض والكافرين عن هذا المثل ولما كان يصلح أن يجعل مثلا، ولما كان الحديث عن عدد جنود: ربك بحال، وفي هذه الآية الكريمة عدة مسائل هامة.
الأولى: جعل المثل المذكور، أي جعل العدد المعين فتنة لتوجه السؤال أو مقابلته بالإذعان، فقد تساءل المستبعدون واستسلم وأذعن المؤمنون، كما ذكر تعالى في صريح قوله: * (إن الله لا يستحى أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين ءامنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذآ أراد الله بهاذا مثلا) *.
ثم بين تعالى الغرض من ذلك طبق ما جاء في الآية هنا * (يضل به كثيرا ويهدي به
(٣٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 ... » »»