أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٣٦١
((سورة المدثر)) * (ياأيها المدثر * قم فأنذر * وربك فكبر * وثيابك فطهر * والرجز فاهجر * ولا تمنن تستكثر * ولربك فاصبر * فإذا نقر فى الناقور * فذلك يومئذ يوم عسير * على الكافرين غير يسير * ذرنى ومن خلقت وحيدا * وجعلت له مالا ممدودا * وبنين شهودا * ومهدت له تمهيدا * ثم يطمع أن أزيد * كلا إنه كان لا ياتنا عنيدا * سأرهقه صعودا * إنه فكر وقدر * فقتل كيف قدر * ثم قتل كيف قدر * ثم نظر * ثم عبس وبسر * ثم أدبر واستكبر * فقال إن هاذآ إلا سحر يؤثر * إن هاذآ إلا قول البشر * سأصليه سقر * ومآ أدراك ما سقر * لا تبقى ولا تذر * لواحة للبشر) * قوله تعالى: * (ياأيها المدثر قم فأنذر) *. الإنذار إعلام بتخويف، فهو أخص من مطلق الإعلام، وهو متعد لمفعولين المنذر باسم المفعول والمنذر به، ولم يذكر هنا واحد منهما.
أما المنذر فقد بينت آيات أخر أنه قد يكون للكافرين، كما في قوله تعالى: * (وتنذر به قوما لدا) * تخويفا لهم.
وقد يكون للمؤمنين، لأنهم المنتفعون به كما في قوله: * (إنما تنذر من اتبع الذكر وخشى الرحمان بالغيب) *.
وقد يكون للجميع أي لعامة الناس كما في قوله تعالى: * (أكان للناس عجبا أن أوحينآ إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين ءامنوا) *.
وأما المنذر به فهو ما يكون يوم القيامة.
وقد قدر الأمرين هنا ابن جرير بقوله: فأنذر عذاب الله قومك الذين أشركوا بالله وعبدوا غيره.
وقد تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه، تفصيل ذلك عند قوله تعالى: * (لتنذر به وذكرى للمؤمنين) * في سورة الأعراف. قوله تعالى: * (وثيابك فطهر) *. قد اختلف المفسرون في المراد من كل من لفظتي الثياب، وفطهر هل هما دلا على الحقيقة، ويكون المراد طهارة الثوب من النجاسات؟ أم هما على الكناية؟
والمراد بالثوب البدن، والطهارة عن المعنويات من معاصي وآثام ونحوها أم على الحقيقة والكناية، فقد ذكر ابن جرير وغيره نحوا من خمسة أقوال:
(٣٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 ... » »»