كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين) *، فهذه الآية من سورة البقرة مبينة تماما لآية المدثر.
المسألة الثانية قوله تعالى: * (ليستيقن الذين أوتوا الكتاب) * أن هذا مطابق لما عندهم في التوراة، وهذا مما يشهد لقومهم على صدق ما يأتي به النبي صلى الله عليه وسلم، وما ادعاه لإيمانهم وتصديقهم.
وقد ذكر القرطبي حديثا في ذلك واستغربه، ولكن النص يشهد لذلك.
المسألة الثالثة: أن المؤمن كلما جاءه أمر عن الله وصدقه، ولو لم يعلم حقيقته اكتفاء بأنه من الله، ازداد بهذا التصديق إيمانا وهي مسألة ازدياد الإيمان بالطاعة والتصديق.
المسألة الرابعة: بيان أن الواجب على المؤمن المبادرة بالتصديق والانقياد، ولو لم يعلم الحكمة أو السر أو الغرض بناء على أن الخبر من الله تعالى. وهو أعلم بما رواه.
وفي هذه المسألة مثار نقاش حكمة التشريع، وهذا أمر واسع، ولكن المهم عندنا هنا ونحن في عصر الماديات وتقدم المخترعات وظهور كثير من علامات الاستفهام عند كثير من آيات الأحكام، فإنا نود أن نقول:
إن كل ما صح عن الشارع الحكيم من كتاب أو سنة وجب التسليم والانقياد إليه، علمنا الحكمة أو لم نعلم. لأن علمنا قاصر وفهمنا محدود والعليم الحكيم الرؤوف الرحيم سبحانه لا يكلف عباده إلا بما فيه الحكمة.
ومجمل القول إن الأحكام بالنسبة لحكمتها قد تكون محصورة في أقسام ثلاثة:
القسم الأول: حكم تظهر حكمته بنص كما في وجوب الصلاة، جاء إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر، وهذه حكمة جليلة والزكاة جاء عنها أنها تطهرهم وتزكيهم.
وفي الصوم جاء فيه: لعلكم تتقون.
وفي الحج جاء فيه: ليشهدوا منافع لهم. فمع أنها عبادات لله فقد ظهرت حكمتها جلية.
وفي الممنوعات كما قالوا في الضروريات الست، حفظ الدين، والعقل، والدم،