أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٣٦٦
والعرض، والنسب، والمال لقيام الحياة ووفرة الأمن، وصيانة المجتمع، وجعلت فيها حدود لحفظها وغير ذلك.
وقسم لم تظهر حكمته بهذا الظهور، ولكنه لم يخل من حكمة، كالطواف، والسعي، والركوع، والسجود، والوضوء، والتيمم، والغسل، ونحو ذلك.
وقسم ابتلاء وامتحان أولا، ولحكمة ثانيا، كتحويل القبلة، كما قال تعالى: * (وما جعلنا القبلة التى كنت عليهآ إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه) *.
وفي التحول عنها حكمة كما في قوله تعالى: * (لئلا يكون للناس عليكم حجة) *.
والمسلم في كلتا الحالتين ظهرت له الحكمة أو لم تظهر وجب عليه الامتثال والانقياد، كما قال عمر عند استلامه للحجر: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك. فقبله امتثالا واقتداء بصرف النظر عن ما جاء من أن عليا رضي الله عنه قال له: بلى يا أمير المؤمنين إنه يضر وينفع، فيأتي يوم القيامة وله لسان وعينان يشهد لمن قبله، لأن عمر أقبل عليه ليقبله قبل أن يخبره علي رضي الله عنه.
وقد تنكشف الأمور عن حكمة لا نعلمها كما في قصة الخضر مع موسى عليهما السلام، إذ خرق السفينة وقتل الغلام وأقام الجدار وكلها أعمال لم يعلم لها موسى عليه السلام حكمة، فلما أبداها له الخضر علم مدى حكمتها.
وهكذا نحن اليوم وفي كل يوم، وقد بين تعالى هذا الموقف بقوله: * (والراسخون في العلم يقولون ءامنا به كل من عند ربنا) *.
وقد جاء في نهاية الآية الكريمة ما يلزم البشر بالعجز ويدفعهم إلى التسليم في قوله: * (وما يعلم جنود ربك إلا هو) *.
فكذلك بقية الأمور من الله تعالى هو أعلم بها. والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (ما سلككم فى سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»